يبدو أن للخليجيين بنكاً إسلامياً في جنيف على وشك أن يتناسوه. يُجاهد بنك «فيصل الخاص» في الوقت الحالي من أجل جمع ما يكفي من رأس المال وفقاً لمقتضيات الأجهزة التنظيمية في سويسرا.. وكشفت التصريحات القادمة من مسئولي البنك الإسلامي أن المصرف المعروض للبيع والذي يعاني من مشكلات منذ انهيار الأسواق العقارية قد فشل في الوفاء بالحد الأدنى من متطلبات رأس المال التي تشترطها الجهات التنظيمية في سويسرا». وأبلغ رويترز المدير التنفيذي لمصرف فيصل الخاص، مارك كوتش، أن المصرف، الذي يطلق على نفسه أول بنك إسلامي خاص، يجري محادثات مع ثلاثة مشترين محتملين، لافتاً إلى أن «بنك الإثمار البحريني، الشركة الأم ل(فيصل)، ستبيع كل حصتها في البنك أو جزءاً منها».. وتابع كوتش: «كان يجب علينا البحث عن مساهم جديد يستحوذ على حصة أغلبية، وحددنا أطرافاً عدة مهتمة خلال الأشهر الخمسة الماضية»، مشيراً إلى أن المجموعة في مرحلة متقدمة من المفاوضات، مع مؤسستين ماليتين من الخليج، وواحدة من بريطانيا.. ويكشف «تخلي» أو «تخلص» الشركة الأم عن هذا المصرف الصغير العديد من التساؤلات من وجهة نظر المساهمين. ومنذ أن انتشرت شائعات بيع بنك فيصل حتى تضاعف سعر سهم بنك الإثمار, مما يدل على أن عملية البيع تُعد «إيجابية» من وجهة نظر المستثمرين. وكان بنك فيصل الخاص واحداً من مجموعة من المؤسسات التي جمعت ما يكفي من الأموال من المستثمرين منذ بداية تأسيسه.. وكوّن البنك محفظة عقارية بقيمة تصل إلى 1.1 مليار فرنك سويسري بحلول عام، 2009 لكنه واجه صعوبات حينما انخفضت الأسعار، وتغيرت قواعد المحاسبة في سويسرا، بصورة منعته من تقديم توزيعات نقدية، وجمع رسوم على أساس إيرادات مستقبلية متوقعة. وأمهلت الجهات التنظيمية السويسرية البنك حتى الشهر الحالي للوفاء بالحد الأدنى من متطلبات رأس المال البالغ 50 مليون فرنك (55 مليون دولار). لكن كوتش قال إن «البنك جاهد لجمع المال لهذا الغرض، ولخططه لدخول أنشطة التمويل التجاري، بعد عدم حصوله على مساعدة بقيمة 60 مليون دولار وُعد بها من قبل بنك الإثمار». وتابع: «لم يكن من المسلي رفض الكثير من الأعمال بسبب عدم قدرتنا على الحصول على متطلبات رأس المال.. حتى بنك الإثمار نفسه وقع ضحيتة لطفرة الفقاعة العقارية التي انفجرت.. فبحسب تقرير رويترز فلقد حاول بنك الإثمار جمع 500 مليون دولار في 2009 وذلك لتوفير بعض هذه السيولة لبنك فيصل. ولكنه نجح في جمع 100 مليون دولار.. وعندما حاول البنك الإسلامي تحويل جزء من هذا المبلغ لبنك فيصل, تم منعه من قبل البنك المركزي البحريني, بحسب تقرير رويترز». تسريب وثيقة واستقالة ولأن بنك فيصل الخاص ليس شركة مساهمة فإنه لا توجد معلومات وافرة عن نوعية استثماراته وقيمها الحالية.. ولكن في 15 ديسمبر من عام 2009 نشرت رويترز تقريراً مطولاً عن «وثيقة مسربة» من البنك نفسه تكشف مدى عمق المتاعب التي يعانيها البنك من محفظته العقارية والتي من دون شك أوصلته إلى ما هو عليه الآن.. وبعد نشر هذا التقرير بثمانية أيام صدر بيان صحفي عن استقالة المدير التنفيذي لبنك فيصل السويسري. ليس هذا فقط بل إن مجلس إدارة بنك الإثمار أعلن, بعد 6 أيام من تسريب هذه الوثيقة, عن استبداله لرئيسه الحالي في ذلك الوقت (خالد الجناحي) الذي يرأس أخوه عصام «بيت التمويل الخليجي» الذي كان على فارق درجة واحدة من تصنيف متعثر من قبل إحدى شركات التصنيف الائتماني قبل أن يتم إنهاء خدماتها. وتكشف الوثيقة التي حصل عليها مراسل رويترز (مارتن سابينتو) أن البنك الذي يقع مقره في جنيف قد حذر المستثمرين في محفظته العقارية بأن أصولهم أصبحت عرضة للاستحواذ من قبل الدائنين للبنك وأن الحل الوحيد لإيقاف ذلك هو أن يتدخلوا ويضخوا بعض السيولة. شكوك حول التقييمات العقارية ومن المتعارف عليه عالمياً أن الأصول العقارية في 2006 والسنتين اللتين لحقتهما قد تعرضت لانخفاض شديد في قيمتها بعد الأزمة العالمية وعمليات التصحيح المصاحبة لها.. لكن التقرير يحوي بأن المحفظة العقارية للبنك, وبخلاف البنوك العالمية الأخرى, لم تتأثر بشكل واضح بتلك الانخفاضات في أسعار الأصول. يقول التقرير: «أصبح العملاء قلقين من أن الصندوق لم يشطب ما يكفي من التقييمات العقارية للأصول منذ 2006.. وهم قلقون كذلك من عمليات الأرباح الدورية كانت تأتي من رأس المال الخاص بالصندوق». وكشف مصدر قريب من البنك أن التقييمات المرتفعة للأصول العقارية تعني أن المستثمرين يدفعون رسوماً أعلى للبنك من أجل إدارة استثماراتهم.. ويضع بنك فيصل الخاص قيمة استثماراته العقارية في 2008 بأكثر من 1.07 مليار دولار ولكنه لم يوضح ما إذا كان هذا الرقم يشكل القيمة الحقيقية للمحفظة العقارية. وفي 2007 وضع البنك قيمة أصوله ب 1.48 مليار دولار.. وفي 2006 أصبحت أكثر من مليار دولار. ويحتوي تقرير رويترز في ثناياه رداً من بنك الإثمار على التساؤلات التي تم طرحها. يقول محمد حسين, المدير التنفيذي الذي استقال في منتصف 2010, حول شطب بعض تقييمات الأصول العقارية إن البنك يقع تحت جهة تنظيمية (يقصد السويسرية) معروفة بصرامتها ولذلك فعلى المستثمرين ألا يقلقوا.. وتابع: «إن التقييمات قد انخفضت وهذه حقيقية ولكنها خطورة يمكن إدارتها ولم تخرج عن السيطرة». وتبين الوثيقة المسربة في ذلك الوقت أن 72% من أصول البنك العقارية متركزة في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي انخفضت قيمة أصولها العقارية بشكل حاد منذ نهاية 2006.. وتتوزع بقية الأصول في لاتفيا ورومانيا والبرتغال.. مع العلم أن قيمة الأصول في الدولتين الأخيرتين قد انخفضتا بشكل حاد بعد الأزمة الأوربية. استيفاء الديْن وفي العادة يشترط الدائنون أن يكون هناك عائد كافٍ من الأصول العقارية وفي حالة انخفاض العائد إلى حد معين فإن الدائنين يكون لهم الحق في السيطرة على هذه الأصول وبيعها (في الغالب بثمن منخفض) من أجل استيفاء الدين.. وتوضح الوثيقة المسربة أن العديد من تلك العقارات قد فشلت في موافاة الدخل التشغيلي الصافي لخدمة الدين المطلوبة من الدائنين.. وتدعو الوثيقة المستثمرين في هذه المحافظ بتقديم دفعات مالية خاصة بهذه المشاريع. وأوضحت الوثيقة أن هذه الأصول سيتم الاستحواذ عليها من قبل الدائنين في حالة عدم تقديم دفعات مالية.. وأشارت إلى أن ذلك قد يؤدي لبيعها بأسعار قد لا تكون مفضلة لدى المستثمرين. وما زال المتتبعون لشؤون الصيرفة الإسلامية ينتظرون ما ستؤول إليه عملية شراء أول بنك إسلامي اقتحم الأراضي السويسرية منذ 2006.