ساهمت صدمة «الحماية من الدائنين» التي تقدمت بها أحد البيوت الاستثمارية الخليجية في تسليط الأضواء على المتانة المالية للقطاع المصرفي الإسلامي, ولا سيما تلك المصارف الاستثمارية التي تنتهج أسلوب «شركات الأسهم الخاصة» (Private Equity ) كمبدأ أساسي لصلب أعمالها. ساهم أسلوب «شركات الأسهم الخاصة», الذي تتبعه أركبيتا, في قصم ظهر بيت التمويل الخليجي قبل نحو سنتين. فهذه الإستراتيجية ساهمت في سقوط بيت التمويل الخليجي من ذروة مجده عندما مسحت خسائر 2009 أرباح أربع سنوات الماضية. يقول أحد مدراء الأصول لصحيفة يوروويك البريطانية: «معظم هذه البنوك (الاستثمارية) ماهي إلا شركات تطوير عقارية وهي متخفية على شكل بنوك». وفي نظره متفحصة على القطاع المصرفي البحريني, يتضح أن بنكا «كابيفست» و»جي بي كورب» لم يقدما البيانات المالية للفصل الرابع أو للسنة الماضية كاملة. وبدا واضحا أن «كابيفست» تملك من السيولة النقدية المتوفرة (6.25 ملايين دولار) إلا أن تكلفة موظفيها تصل إلى 4.37 ملايين دولار, بحسب تقرير الصحيفة الأسبوعية البريطانية. ولعل الشيء اللافت للنظر في البيانات المالية ل»كابيفست» هي تسجيلها ما يصل إلى 379 مليون دولار في فئة «إجمالي الدخل». إلا أن 344 مليون دولار من إجمالي ذلك الدخل قد تم تدوينها على أنها «مداخيل أخرى». وهذا يوحي بأن «كابيفست» كانت غير قادرة على تصنيف ما يصل إلى 91% من إجمالي مداخيلها نحو أي من الأنشطة الرئيسية لأسلوب عملها التقليدي. وعلى الطرف الآخر تقدم بنك «أثمار» الإسلامي و»أديكس» ببياناتهم المالية للفصل الرابع. إلا أنهم يميلون نحو أسلوب عمل «شركات الأسهم الخاصة». ومع هذا يحذر المتعاملون في المصرفية من التسرع في الحكم على القطاع المصرفي البحريني. فقضية «أركبيتا» قد تكون حالة خاصة. شراء الوقت وجاء تقدم أركبيتا بطلب الحماية من الدائنين بمثابة المفاجئة غير السارة لصناديق التحوط. حيث كانوا يأملون بنقل عملية إعادة الهيكلة إلى جزر الكايمان. يقول أحد المصادر القريبة من صناديق التحوط التي اشترت ديون أركبيتا: «إنهم يحاولون شراء الوقت عبر التقدم للمحاكم الأمريكية. وبذلك سيستمرون في إدارة أنشطة البنك. قد نقوم بالاعتراض على ذلك ونقل القضية إلى جزر الكايمان.» ومن الأمور الذي ينص عليها الفصل الحادي عشر هو مبدأ الشفافية. ويعني ذلك أن صناديق التحوط ستستغل ذلك لتمحيص مجلس إدارة أركبيتا أمام الصناعة. ويحتوي مجلس الإدارة من عائلات خليجية ثرية. تحت المجهر ويشير منتقدو أركبيتا إلى الاختلافات في أسلوب العمل المصرفي المتعلق ب»شركات الأسهم الخاصة» مقارنة مع الشركات الأمريكية العملاقة مثل «كارليل» و «تي بي جي». فهذه الشركات تأخذ أرباحها بنهاية الفترة الزمنية للاستثمار مقارنة مع بعض المصارف الخليجية التي تأخذ أرباحها في بداية العملية الاستثمارية. ويعطي التقرير الموسع لصحيفة «يوروويك» كيف أن أركبيتا لا تزال متمسكة باستثماراتها المتعلقه ب»شركات الأسهم الخاصة» وذلك على الرغم من انخفاض قيمتها السوقية التي لا تسمح لها بالتخارج منها. ففي 2008 على سبيل المثال قامت أركبيتا بتخصيص صفحتين (ببياناتها المالية) لصفقات بمحفظتها تصل قيمتها إلى أكثر من 20 مليار دولار. إلا أنها تخارجت من 15% من قيمة هذه المحفظة. وفي تلك السنة, تخارجت من صفقة واحدة, وصلت قيمتها إلى 178.2 مليون دولار. ومقارنة مع المصارف الاستثمارية الإسلامية التي تتشارك مع أركبيتا في أسلوب عملها, فإن المراقبين يرون بأن تلك المصارف قد سجلت مخصصات ضخمة في السنوات الماضية. مما يعطي الإيحاء بأن محفظة أركبيتا, بحسب صحيفة المال البريطانية, مبالغ في قيمتها, خصوصا أن حجم مخصصاتها لم يكن مشابها لنظرائها بالقطاع. ويجادل بعض المنتقدين بأن الاستراتيجية الحديثه لأركبيتا قد ساهمت في مشكلتها الحالية. يقول أحد المتخصصين بالمالية الإسلامية: «لقد كانت الفرصة عظيمة لأركبيتا بالسنة الماضية. حيث توفر لهم بعض «السيولة النقدية» التي كان من الممكن توجيهها نحو سداد ديونها». وبدلا من ذلك قاموا باستثمارها في مشاريع جديدة لقد كان ذلك خطأ جسيما. فلو لم يفعلوا ذلك لما كنا نناقش طريقة عملهم». التزامات قادمة ووفقا لتقرير صادر من اتحاد المصارف العربية فلقد انخفضت قيمة أصول النظام المصرفي البحريني إلى 202.2 مليار دولار (بنهاية أكتوبر من السنه الماضية) مقارنة مع 222.2 مليار دولار بنهاية 2010. ومع وضع المتغيرات الحالية في الساحة في عين الاعتبار, فإن على المصارف البحرينية التي لديها التزامات ضخمه أن تضع العديد من الخيارات في عين الاعتبار. فالمؤسسة العربية المصرفية مقرر لها أن تسدد قرضا بقيمة مليار دولار في يونيو. في حين ينوي البنك الأهلي المتحد تسديد قرض بقيمة 618 مليون دولار في أبريل. تجدر الإشارة إلى أن السعودية, وعبر صندوق الاستثمارات العامة تمتلك 97.2% من بنك الخليج الدولي. وتم بيع سندات لصالح البنك (بقيمة 300 مليون دولار) في ديسمبر لصالح مستثمرين سعوديين. حيث تآكل رأس مال بنك الخليج الدولي إبان أزمة الانقباض الإئتمانية السابقة. عندها تدخلت السعودية عبر ضخ سيوله بالبنك. لترتفع حصة المملكة نتيجة لذلك.