1. ضعف الوازع الديني مصطلح يُستخدم للإجابة عن سؤال: لماذا يتفشّى بين الناس الفساد والرشوة والانحلال وسوء الخلق وأكل حقوق الناس.. وغيره؟.. فهو مسوّغ استخدم لتبرير كل فعل غير سوي.. كما استخدم في أمور كبرى مثل: أسباب سقوط الدول كسقوط الدولة الأموية والعباسية والعثمانية.. أو وقوع الكوارث الطبيعية.. أو صعود سلطة قمعية.. الخ.. فهو تبرير جاهز ومتفق عليه لتفشّي سوء الخلق في المجتمع ولوقوع العقاب عليه. 2. مصدر المصطلح هو التسليم بأنّ ترسُّخ الوازع الديني يولِّد لدى الفرد مخافة الله وطلب رضاه.. فهو مستقيم في تعامله، صالح في سلوكه، ملتزم بأداء واجبات دينه.. على أساس أنّ التديُّن هو الباعث الأول على فعل الخير وتجنُّب الشر.. لكن المشكلة في هذا التعريف للمصطلح أنه يخرجه من سياقه.. فربط سلوك الناس بدرجة تديُّنهم يحوله إلى اتهام وليس إلى تشخيص أو تحليل بحثاً عن علاج أو حل. 3. الذي سبق له زيارة كاليفورنيا سوف يلفت نظره أنّ أغلبية السكان من أصل مكسيكي.. وليس ذلك بمستغرب فكاليفورنيا تاريخياً تابعة للمكسيك.. والملاحَظْ أنّ الاختلاف كبير في المفاهيم والقيم وأخلاقيات التعامل بين الأمريكي من أصل مكسيكي والأمريكي من أصول أخرى.. رغم أنّ المكسيكيين أكثر تديناً، حيث تجد الصلبان موشومة على أجسادهم أو معلّقة على أعناقهم أو جدران منازلهم ومحلاتهم وسياراتهم.. ويلتزمون بحضور قداس الأحد مما يعني أنهم شعب متديِّن جداً. ومع أنّ الدين يدعو إلى مكارم الأخلاق وإتقان العمل.. فإنك لن تجد هذه الصفات تزيد طردياً مع زيادة التديُّن الظاهرة عليهم.. بل إنّ الغش والسرقة والتقصير في العمل والكسل وتعاطي المخدرات وتشكيل منظمات الجريمة وغيرها، هي السِّمات الظاهرة المشهورة عنهم. 4. يردّد هذا المصطلح في قضايا السلوك والعبادات والمعاملات.. وهي ثلاثة أمور مختلفات وإن التقت في الغايات النهائية لها.. فالذي ينتحر بفعل عامل نفسي كيف يقال عنه إنه ضعيف الوازع الديني.. فسلوكيات الفرد تقاس بميزان العرف الاجتماعي.. وعمله يقاس بكفاءته.. وتعاملاته مع الناس تقاس بصدقه.. وهي أمور مختلفات!. 5. إذاً فتكرار ترديد هذا المسوّغ في بلادنا رغم كثافة التعليم والتثقيف الديني والتدين الظاهر على مجتمعنا، لا يستقيم مع ما نجده في المجتمعات الأخرى التي تمسُّكها بالدين تمسُّك اسمي، ومع ذلك تجد لديهم الاستقامة والأمانة والصدق والالتزام بالعمل.. رغم ضعف أو انعدام الوازع الديني لديهم، أي أنّ علينا مع أهمية الالتزام بالوازع الديني، أن نلتزم أيضاً، كما تلتزم المجتمعات غير الإسلامية، بالاستقامة والأمانة والصدق والإخلاص في العمل وغيرها.