من الظواهر التي ظهرت في مجتمعات المسلمين عند بعض الشباب، العبث بطريقة حلق شعر الرأس بطريقة بشعة حتى وقعوا فيما ورد النهي عنه وهو القزع، وتعريف القزع هو: كل شيء يكون قطعاً متفرقة فهو قزع، ومنه قيل لقطع السحاب في السماء قزع واحدها قزعة، وسمّي شعر الرأس إذا حلق بعضه وترك بعضه قزعاً تشبيهاً بالسحاب المتفرق. وما يراه الناس اليوم من فعل بعض الشباب الذي يحلق رأسه في مواضع ويترك بعضه في مواضع أخرى، فهذا هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري 5921، ومسلم 2120 وفي البخاري أيضاً 5920 قال ابن عمر رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن القزع قال عبيد الله، قلت وما القزع؟ فأشار لنا عبيد الله قال: إذا حُلق الصبي وترك هاهنا شعره، وهاهنا وهاهنا، فأشار لنا عبيد الله إلى ناصيته وجانبي رأسه. فدل الحديث على النهي عن هذا الفعل، ويشهد له أيضا ما أخرجه الإمام أحمد في المسند 5846 أن ابن عمر رضي الله عنهما رأى صبياً في رأسه قنازع، فقال: (أما علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق الصبيان القزع)، وفي الرواية الأخرى التي أخرجها النسائي 5048 عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً حلق بعض رأسه وترك بعضاً فنهى عن ذلك، وقال: (احلقوه كله أو اتركوه كله). فما يشاهد من فعل بعض الشباب سواء كان في الملاعب الرياضية أو في غيرها من حلق بعض الشعر وترك بعضه، هو القزع الذي نُهي المسلم عن فعله، والمسئولية تقع على أولياء أمور الصغار الذين لم يبلغوا سن الرشد حتى لا يقعوا في النهي الوارد، فالواجب على الأب أن يمنع ولده من هذا الفعل الذي تفشى وظهر بين الشباب. والناظر في أحوال بعض الشباب يجد أن لهم في ذلك طرائق شتى فمن الشباب من يحلق بعض رأسه من أسفل، ويجعل باقي الشعر على شكل دائرة ويحلق ما تحته، ومنهم من يجعل في وسط الرأس خطاً يبدأ من ناحيته إلى مؤخرة رأسه، وهذا كله داخل في النهي. وقد ذكر أهل العلم علة النهي في هذا فقيل: لكونه يُشوه الخِلقة وقيل لأنه زي الشيطان، وقيل لأنه زي اليهود، قال ابن قدامه في المغني 1/124 فأما حلق بعض الرأس فمكروه، ويسمى القزع ثم استدل له بالحديث السابق ثم قال: وفي شروط عمر رضي الله عنه على أهل الذمة: أن يحلقوا مقادم رؤوسهم ليتميزوا بذلك عن المسلمين، فمن فعله من المسلمين كان متشبهاً بهم. فعلى الشاب المسلم أن يتقي الله ويتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم ويتجنّب هذا الفعل، وعلى أولياء أمور الصغار كذلك لئلا يقعوا فيما حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم وحتى لا يكون ذلك لهم عادة، أما إذا حلق الإنسان بعض رأسه لأجل العلاج والمداواة من المرض فهذا جائز لهذا السبب، ولهذا قال النووي: أجمعوا على كراهية الحلق إذا كان في مواضع متفرقة إلا للمداواة أو نحوها وهي كراهة تنزيه ولا فرق بين الرجل والمرأة (شرح مسلم للنووي 14/327).. والله ولي التوفيق. * وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية