في العدد الأول من جريدة الجزيرة الصادر في (20 صفر سنة 1384هجرية)، تشدك حكمة العدد التي تقول (تأبى الرماح إذا اجتمعنّ تكسّرا, وإذا افترقنّ تكسّرت أحادا), وهي تعلو عشرات الأخبار السياسية العربية والمحلية في ذلك الوقت...! بينما كانت (الصفحة الأولى) لمجلة الجزيرة الأدبية والاجتماعية الصادرة في (ذي القعدة عام 1379هجرية)، زاخرة بالمعاني السامية في تلك (القطعة الأدبية) التي وسمها الراحل (عبد الله بن خميس) بعنوان (ربنا عليك توكلنا)..! ماذا تعرف عن صحيفة (مصر الفتاة) التي تُطبع عند الواحدة ظهراً؟! ماذا احتوى العدد الأول من جريدة (يمن) ؟! ما هي أبرز الصحف السودانية، والسورية، والخليجية ؟! ما هي اهتمامات الصحف قبل 30, 40, 60 سنة؟! كم صحيفة (سعودية)، أو (عربية) صدرت خلال ال(100سنة) الماضية.. وحتى اليوم؟! ما هي عناوينها؟ كيف كان يتم تحريرها؟ هل كانت خطوطها, و(مانشتاتها) ترسم (بخط اليد) وبتوقيع أصحابها؟! لقد وجدت إجابات عديدة، وأنا أتجول في (متحف الصحافة) داخل قصر الدبيخي التراثي ببريدة, هذا المكان الذي يقول صاحبه إنه يضم أكثر من (6.000 صحيفة ومجلة) سعودية، وعربية بعضها صدر قبل أكثر من (130سنة)..! ولع هذا الرجل (باقتناء) أوائل الإصدارات، جعله يدفع مبالغ كبيرة، مقابل الحصول على (صحف نادرة) تحمل عناوين هامة، أو حوارات مع ملوك ورؤساء دول، خدمة لرصد الحركة الثقافية والإعلامية بالمملكة وتقديمها للجمهور والزائرين مجاناً..! بلا شك هناك جهود مقدَّرة ل (مكتبات)، و(جهات حكومية)، تُعنى برصد الصحف والدوريات والمراجع، ولكن ما يميّز (متحف الصحافة) هو عرضها وتقديمها للزائرين في جو تراثي, وهي معروضة على (الجدران) للتصوير والقراءة بشكل سريع والمقارنة بينها..! أعتقد أن (وزارة الثقافة والإعلام، وهيئة السياحة) مدعوتان لتبني (فكرة وجهد) هذا المواطن, لتطويرها، والحفاظ على محتوياتها، كما أنني أدعو الزملاء (الصحفيين)، و(الإعلاميين) والمهتمين بالثقافة, الذين يمرون (بمنطقة القصيم) لتخصيص جزء من وقتهم للتعرّف على محتويات هذا المكان واكتساب مزيد من الخبرات. هذه التجربة ستُفيد (المؤسسات الصحفية) أيضاً، حال تم (إيفاد) بعض العاملين بها للتعرّف على أسلوب إخراج وتحرير (مئات الصحف) في الماضي..! وعلى دروب الخير نلتقي.