للإنسان حواس خمس، تجعله يتواصل مع ما حوله من كائنات وجمادات. وهو يتميز عن غيره من الكائنات بالشعور بأهمية ولذة كل حاسة. لا ينتظر الإنسان العاقل زوال حاسة من الحواس ليعرف قيمتها. ولا يبقى جامدا بحيث لا تعني له سلامة الحواس شيئاً. الاعتيادية قد تفقد الإنسان استشعار الجمال فضلاً عن تلمسه، ولكننا بالتدريب والتذكير بأنعم الله ترقى حواسنا، وتصبح تقودنا للتمتع بما حولنا، وأحياناً أخرى نحن من نقودها وندلها على مكامن المتعة والجمال! كل ما ارتقينا وسمونا عن كل قبح وسوء سمت حواسنا. والعكس صحيح كل ما سمت حواسنا ارتقينا وسمونا. ولا عجب في ذلك فالمؤمن من صفاته الاهتمام بحواسه والمحافظة عليها مما يدنسها ويسقطها من علو، فأُمرنا بالتدبر ، وأمرنا بالكلمة الطيبة، ووُجهنا إلى العناية بالنظافة والجمال. فإذا كان المرء يتذوق المعاني الرائعة، وله لمسة حانية على من حوله، ولا يقول إلا حسناً، ولا يبصر إلا جمالاً مباحاً؛ أصبح من السعداء في الدنيا والآخرة. وبالتأكيد سيكون مؤهلاً للتمتع بكل دقيقة تمر عليه، دون غبن أحد أو ظلم أحد، أو كره أحد. أضاف البعض حاسة سادسة وهي الحدس؛ أو القدرة على التنبؤ بما سيقع من أحداث وتصرفات من خلال معرفتك بالآخرين وطباعهم. وهي تأتي تتويجاً للاهتمام بالحواس الخمس، ولا يدركها ولا ينالها إلا شخص أريب ذكي نبيه لماح ذواق نقي صافي. الحاسة السادسة لا يمتلكها إلا شخص خلا من شوائب الفكر ومن تلوث الحواس الأخرى. سلمت حواسه فانجلى له الأمر. تشعر بأن الله سبحانه وتعالى يكافئ من سلمت حواسه وحافظ على سلامة حسه وذوقه وفكره بمنحه هذه الحاسة المتميزة. أيها الإخوة والأخوات؛ كل الحواس الخمس ومعها تاجها (الحدس) إن خلت من الحاسة السابعة، فإنها ستكون غير منضبطة. الحاسة السابعة هي حسن الخلق والتعامل الراقي مع الله ومع نفسك ومع أسرتك ومع الآخرين واستثمار العاطفة في تأجيج مشاعر الحب نحو كل المخلوقات. الحاسة السابعة، ليست تتويجاً لهذه الحواس بل مصدر انطلاق لها، وهي الأساس في جعل الحواس الخمس تتوجه نحو الجمال والكمال. هي الإطار الذي يزين بقية الحواس. هي اللجام الذي تكبح به جماح بقية الحواس. أيّها الأحباب، اعتنوا بالحاسة السابعة، لتطيب أنفسكم، وتسمو أرواحكم. اهتموا بها لتسعدوا في دنياكم وتفوزوا في آخرتكم. د. عبدالرزاق كسار