من أفضل الاعمال وأجلها عند الله قراءة القرآن فإن الله جعل بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (30) سورة فاطر (29 - 30). قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ}: أي يتبعونه في أوامره فيمتثلونها، وفي نواهيه فيتركونها، وفي أخباره فيصدقونها، ويعتقدونها ولا يقدمون عليه ما خالفه من الأقوال، ويتلون أيضاً ألفاظه بدراسته ومعانيه بتتبعها واستخراجها)، {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} أي: لن تكسد وتفسد بل تجارة هي أجل التجارات وأعلاها وأفضلها ألا وهي رضا ربهم والفوز بجزيل ثوابه والنجاة من سخطه وعقابه وهذا فيه الإخلاص بأعمالهم وهم لا يرجون بها من المقاصد السيئة والنيات الفاسدة شيئاً وذكر أنهم حصل لهم ما رجوه فقال: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ}، أي أجور أعمالهم وعلى حسب قلتها وكثرتها وحسنها وعدمه، {وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ}: زيادة عن أجورهم، {إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}، غفى لهم السيئات وقبل منهم القليل من الحسنات.اه. فلا ريب أن كتاب الله تعالى له المكانة العظيمة والتأثير المباشر على أخلاق الناس ينقلهم من الجهل إلى العلم ومن الضلال إلى الهدى، والقرآن الكريم كتاب الهداية الشاملة، فهو يهدي الناس إلى الرشاد وإلى الاستقامة. فالقرآن الكريم ربى الأمة على الإيمان بالله تعالى والتصديق بوعده ووعيده وأن الله تعالى ينصر أولياءه جعلنا الله منهم. ويدعو القرآن الكريم إلى نبذ التعالي على الناس وأن معيار الأفضلية هو التقوى فيربي المؤمنين على التعاون والأخوة والتسامح والتواضع فلا رفعة على الآخرين بالمال أو النسب أو الجاه فيصبح الناس إخوة متحابين بتلك التربية الشاملة. وانظر رعاك الله كيف أن القرآن الكريم يعلم المؤمنين كيفية التعامل في حالة الغضب وكيف رتب الجزاء العظيم لمن كظم غيظه والثواب الكبير لمن رد الإساءة بالإحسان، لما يترتب على الغضب من الفساد في أغلب الأحيان إذ قد يكون سبباً مباشراً في القتل والقطيعة وغير ذلك، والمقصود أن القرآن الكريم فيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق وأنبل الصفات وأن من اتبع هذا القرآن العظيم لا يضل ولا يشقى، وأيضاً فإن القرآن الكريم شرف عظيم ومنزلة عالية لمن تمسك به أي فخر ومنقبة جليلة ونعمة لا يقادر قدرها ولا يعرف وصفها إلا الله تعالى. نسأل الله تعالى أن يجعل كتابه الكريم شفاء لنا من كل داء وشفيعاً لنا يوم الدين وأن يجعلنا من أهل القرآن الكريم. * الباحث الشرعي بالرئاسة العامة للإفتاء