حين اطلعت على المواد التدريسية في أقسام التربية الفنية بجامعاتنا العريقة وجدت أنها لا تحمل مضمونا سعوديا بمعنى إنها لا تستشهد بتجارب التشكيليين السعوديين في تدريس الطلاب والطالبات لا من حيث الرؤى الفكرية والفلسفية باللوحة ولا التكنيك اللوني والقدرة الفنية والتكوينية بالعمل التشكيلي. هل السبب يعود لعدم اقتناع التعليم العالي بالفنان السعودي؟! أو هل الفنان السعودي لا يحمل تجارب عالية الجودة مثل العالمية..؟! حين أتأمل بعض التجارب لبعض الفنانين السعوديين أجدها وصلت إلى النضج ولعل المقام هنا يتسامى بأخذ الفنانين التشكيليين محمد السليم الذي أدرج ضمن الموسوعة الإيطالية وما حققته تجربته (الآفاقية) من خصوصية وتجربة الفنان الرضوي اللونية التي اعترف بها له نقاد عالميون أنه من الملونين المتميزين وبما مر به الفنان سعد العبيد كأنموذج آخر من نماذج الفن السعودي، من واقع رؤيتي الخاصة للمراحل التي مر بها - بداية من خطوط الأفق التي يقف بها حارس بين فضاء رأسي وآخر أفقي، السماء والأرض ليقول: أنا هاهنا أقرب من هناك وهنالك..!! يحاكي مخيلتنا ويجعلنا نتساءل: ما علاقة اللون بفلسفته..!؟ و(النوتة) الموسيقية الأشبه بذاك القادم من شوق المكان يتباهى ب(الكمان) يعزف لنا صوت الصمت، فيُخال أنها كائن بجوف صخور المنفى، يقف بنا على أطلال غيمة ببقايا ناي، ويصمت الزمان إنصاتا، حين ترتقي معزوفته، إلى ألوان الطيف المتناثرة بالمكان، تسبح بنا بين خلجان الأرض تارة وتارة أخرى تكون هي الأرض، والخلجان أطيافها، يأخذ مشاعرنا بين البهجة والفرح، فيبدو كل لون حكاية.. وقصة تنتهي برواية أخرى ولون آخر وبتساؤل آخر...!! لا يستغرب المتأمل بتجاربنا السعودية بترابطها وانسياقها بعضها على بعض فيدرك المطلع أو المهتم أن ثمة انسجام واضح بين تلك المراحل مما أعطاها صفة (جنون الحكمة) التي تذهب بنا إلى أن ننتظر ميلاد مدرسة عربية تشكيلية. السؤال هنا.. هل ينتظر التعليم العالي الاعتراف بالفنان السعودي من خارج الوطن حتى يقتنع به ويتبنى إنتاجه التشكيلي والفكري؟ أو هو عدم إيمان بالفن التشكيلي بصفة عامة؟ وأن جامعاتنا مجرد تجميل للتربية الفنية ليس إلا!! كم أنت مظلوم أيها الفن التشكيلي! فلا وزارة الثقافة توجتك بمهرجان ولا هيئة السياحة احتوتك بمتحف ولا التعليم العالي قومك بكلية فنون جميلة..!!