الفن التشكيلي والشعر من أبرز الفنون التي تربط الإنسان بمحيطه، حيث بات الحوار بين التشكيل والشعر منبعا للإبداع ومفهوما للتشكيل الأكثر عاطفة والأكثر حسا بمفهوم ربط الإبداع. ولعل صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن، الشاعر والفنان، استطاع خلال مسيرته الشعرية والتشكيلية أن يؤلف بين الفنين في ظاهرة ليست مستحيلة، لكنها نادرة الحدوث في وطننا العربي. والكثير من اللوحات التشكيلية تحمل في معانيها جملا وعبارات شعرية تعبر عن حالات إبداعية معينة، وهناك ربط كبير بين الشعر والتشكيل، فكلاهما مرتبطان بالإبداع الداخلي لدى الفنان ولا ينفصلان أبدا، بل طريقة التعبير أحيانا تعبر عن مدى القرب والبعد بينهما، والفنون بمجملها تنبع من منشأ واحد، فالشعر والتشكيل لهما ارتباط لا مرئي يكمن في طريقة التحاور بين التصوير والإحساس، ولعل روح الفن تنبع من ذات الطاقة المنفتحة على المخيلة والحرية، حيث تصبح هذه الروح مسكونة بالمرئي واللامرئي من أطياف حارة وباردة تعبر الجسد وتخترق ما حوله، لقد أجبرنا الأمير بدر بن عبدالمحسن في أعماله على الإنصات لروحه والتأمل في صمته العميق، حيث الدهشة والاستفزاز في مخاطبته من خلال نشاطه الذهني وفكره الشعري الذي سلب عقل المتلقي بمجموعة من الأعمال الفنية بلغة إبداعية وفق دلالات تعبيرية ووفق ما أعده ووظفه بأسلوبه ونمطه الخاص الفردي الذي تمتع به، وخاض الأمير بدر خلال مسيرته الشعرية والتشكيلية مجموعة من التجارب متنقلا بين الواقعية والتجريدية والسريالية فاتحا أفقا في أسلوب جديد استمد من روحه الشعرية الكثير من المعاني الجميلية ليسطرها بريشته على لوحاته التي تنبض عشقا بالتراث والبيئة السعودية التي أثرت واتضحت جليا في عناصره وألوانه المتناثرة على أعماله التي تجاوزت 200 عمل فني. الأمير بدر أوجد الرمز من بين الظواهر الطبيعية والاجتماعية ليخلق عنصر الإبداع والابتكار، حيث تم من خلالها تحديد الرموز بالحذف والإضافة ليخلق عملا مبدعا من خلال توطيد وترسيخ أسلوب فني خاص به، يستمد مفرداته وعوالمه وموضوعاته من البيئة السعودية بقالب تجريدي تارة وقالب سريالي تارة أخرى. الذاكرة البصرية عند الأمير بدر حملت كثيرا من الدلالات الجمالية التي أبقت المرأة متواجدة في في أعماله متنقلا بنا بين لحظات الواقع ولحظات الخيال بإسقاطه الحس الفني والحالة المزاجية لديه، حتى أصبحت أعماله التشكيلية جزءا من إرثه الشعري، وأكد الأمير بدر ببالتة الرسم أن هناك تآلفا بصفات جينية وحس شرقي بين الشعر والرسم ربما لا يفهمه الكثير إلا أن ذلك التجانس اتضح في لوحاته بشكل لافت ولم يستطع أن يستيعد من ذاكرته وهو يرسم أنه شاعر تبوأ مكانة عالية في الوطن العربي ولم يغب الإنسان عن لوحاته، فكان يتواجد مباشرا وغير مباشر، فالأمل عند البدر كان أحد المسببات في خروج شخوصه من المنظر الطبيعي إلى المنظر الخيالي في توليفة فنان طوع حسه الشعري مع حسه اللوني ليصدح بأعمال ستبقى خالدة كما بقيت قصائده في ذاكرة الزمان.