المملكة العربية السعودية من الدول السباقة إلى تطوير الأنظمة واستحداث الإجراءات التي تكفل تذليل كافة المعوقات والصعوبات أمام المواطنين والمقيمين على أرضها، وتشكيل المجالس البلدية جاء ليمثل عين وصوت المواطن لتحقيق خدمات بلدية متميزة من خلال المشاركة في صنع القرار ومراقبة الأداء، وبحسب مختصين كانت الدورة الأولى تجمع نقاط نجاح واضحة، إلا أنها توقفت عند بداية الطريق مع التزام الصمت المطبق، مؤكدين على دور المجالس البلدية كونها تمثل قضية مهمة، وراجين في نفس الوقت مراجعة التجربة الأولى، ثم العمل على حضورها القوي وانطلاقها من جديد بشكل أفضل مستقبلاً. ويرى عدد من المسؤولين بمنطقة مكةالمكرمة أن التجربة الانتخابية مهمة للدولة والمجتمع وهي خطوة أولى نحو التقدم في العمل بشكل منظم يرضي المواطنين ويوسع من مشاركتهم في إدارة شؤونهم وصنعهم للقرار، معتبرين أن الدورة الأولى قد نجحت بشكل كبير، في حين أبدى عدد من المواطنين رأيهم الصريح في التجربة الانتخابية الأولى معبرين عن عدم رضائهم التام على تلك البداية، كما تطلع عدد من المرشحين في أن تحقق الدورة الانتخابية الثانية آمالهم وجهودهم لخدمة الوطن والمجتمع، مطالبين أن يحظى المرشحون الأعضاء بصلاحيات أكبر تحقق بعض أهدافهم وخططهم الموضوعة. (الجزيرة) التقت عدداً من المسؤولين والناخبين والمرشحين ورصدت تقييمهم للتجربة الانتخابية الأولى وآمالهم ومتطلباتهم للتجربة الانتخابية الحالية.. صناعة القرار بداية تحدث الأستاذ حسين باعقيل رئيس المجلس البلدي بجدة مبيناً أن انتخابات أعضاء المجالس البلدية تتيح للمواطنين فرصة المشاركة في صنع القرار من خلال اختيار ذوي الكفاءة والخبرة لإدارة الشؤون المحلية والخدمات البلدية في مقر إقامته، ويقوم مفهوم الانتخابات بصفة عامة على إدلاء مجموعة من المواطنين تتوافر فيهم الشروط اللازمة لممارسة حق الانتخاب بأصواتهم لصالح المرشحين الذي يحظون بتأييدهم، ضمن عملية منظمة وفق أنظمة الاقتراع المعتمدة، وتستمد انتخابات أعضاء المجالس البلدية أهميتها من مشاركة المواطنين للأجهزة الحكومية في إدارة الخدمات البلدية، إذ تعد هذه المشاركة عاملاً مساعداً في ترشيد القرار الحكومي بما يحقق مصلحة المواطنين، إضافة إلى ذلك فإن هذه المشاركة تجعل المواطنين في موقع المسؤولية المشتركة مع الجهات الرسمية، وهذا يزيد من مستوى الوعي والمبادرة لدى المواطنين. وحول دور المجلس البلدي بجدة وفعالية التجربة وبعض الاتهامات بالتقصير والضعف، أوضح باعقيل أنه وجميع الأعضاء يرحبون بالنقد والتحاور الهادف مع المواطنين لما يصب في مصلحة مدينة جدة، وطالب الجميع بعدم التخلي عن مسؤوليتهم تجاه الوطن والعمل يداً واحدة على نجاح هذه التجربة التي اعتبرها فترة (المخاض) في المملكة، وتحتاج إلى الدعم والمؤازرة من المواطنين والإعلام على حد سواء. توسيع الصلاحيات وبين المهندس حسن الزهراني نائب رئيس المجلس البلدي بجدة أن المواطنين الواعين يدركون جيداً الدور المهم الذي تقوم به هذه المجالس ويعرفون أيضاً المعوقات التي تواجهها، وقال: «من يعرف الصلاحيات المتاحة للمجلس البلدي ودوره الحقيقي قادر على تقييم الأمر بشكل عادل.. فنحن -مثلاً- في المجلس البلدي بجدة طالبنا بتوسيع صلاحيات المجالس البلدية واستقلاليتها إدارياً ومالياً عن الأمانات بحيث تكون لديها القدرة على القيام بدورها بشكل أفضل، كما نأمل أن يتم دعم المجالس بخبراء في مختلف المجالات بحيث تكون الفائدة أكبر في الدورة المقبلة. وأضاف: لم يتوان بلدي جدة طوال هذه الفترة عن طرح جميع مشاكل وهموم الناس والتصدي لها ودراسة الكثير من الأمور التي ستظهر آثارها في الفترة المقبلة، وحاولنا على قدر المستطاع أن نفعل كل التوصيات التي صدرت عن المجلس البلدي والتي تعدت (1600) توصية، وقمنا بمئات الجولات الميدانية للوقوف على مشاكل الناس، وإضافة ل(82) جلسة عقدها بلدي جدة على مدار الفترة الماضية هناك أكثر من (600) اجتماع للجان الفرعية التي درست وناقشت الميزانيات والمشاريع وأوصت بالكثير من الحلول والمقترحات التي تصب في صالح المواطن وتعمل على إزالة كل المعوقات أمام المشاريع المتعثرة. مشاكل (العروس) من جهته دعا الدكتور حسين البار رئيس لجنة البيئة والصحة بالمجلس البلدي بجدة الباحثين عن إنجازات السنوات الست الماضية إلى زيارة الموقع الإلكتروني للمجلس ورابطه (http:--www.jcc.gov.sa) للوقوف على آخر النشاطات والأخبار والاجتماعات والتوصيات التي تهم قطاع عريض من الناس، وكذلك الاطلاع على آخر التقارير والقضايا المتعلقة بالعاصمة التجارية للمملكة العربية السعودية، والتعرف على التوصيات والقرارات التي يتخذها المجلس والتي تواكب مشاكل وقضايا العروس في حدود الصلاحيات المتاحة، مضيفاً أن جميع الأعضاء في المجلس البلدي يسعون في تلبية طموحات ما يقارب من (4) ملايين نسمة يسكنون في جدة، ويجتهدون على قدر المستطاع ليكونوا صوتهم أمام مختلف الجهات الحكومية وعينهم التي يكتشفون بها العيوب بهدف علاجها وسعياً إلى تحقيق آمال وتطلعات الجميع. تجربة لا بأس بها أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار أثنى على تجربة المجلس البلدي في مكةالمكرمة واصفاً إياها بالجيدة قياساً إلى كونها المرحلة الأولى التي تكون عادة فترة تجريب ورصد للمشروع، كما أوضح الدكتور طارق فدعق، أول رئيس للمجلس البلدي في جدة عضو مجلس الشورى بأنه من الظلم الحكم بفشل المجالس البلدية؛ لأنه يرى أنها حققت نجاحات لا بأس بها قياساً إلى تجربتها والتحديات التي واجهتها، مستشهداً بما تحقق في مجلس جدة مثل المساهمة في إنهاء معاناة حرائق المردم والغازات السامة والروائح الكريهة التي كانت تصدر من المردم القديم، ودور المجلس في تسريع تجفيف بحيرة الصرف. تفاعل المواطن واعتبر رئيس المجلس البلدي بالجموم الدكتور نايف القبلان أن هناك جدية في مهام المجالس البلدية وحرصها على تقديم الخدمة للمواطن والمنطقة التي يسكن بها في الفترة السابقة طيلة ال 6 سنوات الماضية فكانت تلك الملاحظة حافزاً ومشجعاً ودافعاً أساسياً لهم على أن يشاركوا في الانتخابات البلدية المقبلة، وبأعداد كبيرة لأن شعورهم بأهمية المجالس البلدية وقربها من المواطن ومطالبه حمّلتهم ضرورة المشاركة والتصويت لمن يتحقق جدارته ومصداقيته بعيداً عن أي هتافات أخرى، مشيراً إلى ضرورة تفاعل المواطن وتعاونه من خلال اللقاءات الدورية التي تساعد في رفع الاهتمام بمراجعة أداء البلدية والرقابة على المشاريع والنظر في شكاوى المواطنين فتلك تضمن لنا أن المواطن أصبح يعنى جيداً بالانتخابات ومفهومها وما يمكن أن تقدمه من خدمات. أكثر سخونة الإعلامي علي الزهراني وصف المجالس البلدية بالتجربة الأم في منظومة تجارب المجتمع السعودي الانتخابية، مؤكداً أن الأهم هو مهام ومسؤوليات المجالس البلدية التي تتعلق بالتنمية بما فيها من مشروعات ومطالب واحتياجات في المناطق والمحافظات، متوقعاً أن دورة الانتخابات الجديدة سخونة قوية وذلك نظراً للاهتمام والزخم الإعلامي الذي صاحبها قبل أن تبدأ، بالإضافة إلى الممارسة الرقابية التي فرضت حضورها هنا وهناك، وهو ما ولّد قناعة لدى المواطن بأن المجالس البلدية لديها الكثير من الأدوار التي يمكن أن تلعبها لصالح مطالبه، وحلول مشكلاته. كما توقع أن تكون الانتخابات البلدية المقبلة أكثر تفاعلاً وفاعلية من خلال عاملين سيكون لهما أثرهما في العملية الانتخابية البلدية، أولهما ما شهدته اللائحة الجديدة لانتخابات المجالس البلدية من تطوير ارتكز على تجنب ما تم رصده من ملاحظات على التجربة السابقة، ومن ذلك قضية تثبيت الصوت الواحد في الدائرة الواحدة، أمّا العامل الآخر فهو فهم المواطن للعملية الانتخابية، ممّا يتوقع أن يتعامل معها بنضج أكبر سيسهم دون شك في إنجاح الانتخابات البلدية. وتساءل لماذا تم استبعاد المرأة من الانتخاب والترشيح، وقال: «لا أدري إلى الآن لماذا تم ذلك رغم أن التبرير بعدم الاستعداد لا يعد مقنعاً أبداً، ويظل السؤال قائماً! وأضاف قوله: «بقى أن أشير إلى قضية هامة جدّاً لم نهتد إلى آلية لمتابعتها لحد الآن!! وهي قضية تقييم برامج المرشحين، ولا أعني هنا تقييمها قبل طرحها ولكن متابعتها في التنفيذ، فبرامج المرشح حين يعلنها على الناخبين نجدها ثرية وكبيرة، وتلامس احتياجات ورغبات الناس، ويصل المرشح بالناخب إلى مرحلة النرجسية والأحلام، ولكن بعد أن يفوز المرشح تدور الأسئلة عن مصير تلك الوعود والبرامج!! وما أرجوه أن يكون هناك معيار دقيق لقياس مدى تنفيذ البرامج حتى يكون هناك مصداقية للمرشحين لدى العامة». مواصلة المسيرة أما الدكتور عمر بادحدح فتحدث عن رؤى وأفكار الانتخابات البلدية بقوله: «إن الانتخابات البلدية خطوة إلى الأمام وإن بدت قصيرة والمشاركة في هذه الانتخابات ستكون تشجيعاً لهذا الاتجاه ودفعاً لمواصلة المسيرة نحو المزيد، ومن المتفق عليه أن الدخول في هذه التجربة له فوائد ومكاسب عديدة، ينبغي استثمارها والإفادة منها في سبيل النهوض بالمجتمع السعودي، وتحقيق المنافع والمصالح المتدرجة في هذا الشأن». مطالب المواطنين في المقابل طالب بشدة كثير من الناخبين بدور أكبر للمجالس البلدية، وأن تكون بالفعل هي الصوت القوي لهم في البلديات والأمانات، ويتطلع الكثير من المواطنين ناخبين أو غيرهم ممن لا يحق لهم التصويت، أن تكون المجالس البلدية صوت الجميع، حيث تحدث المواطن مشعل الجدعاني وقال: لا شك أن الانتخابات البلدية هي إحدى الممارسات الديمقراطية لتطوير ومراقبة أعمال الأمانات والبلديات وكانت التجربة الأولى دون المستوى المأمول ونأمل أن تكون التجربة الثانية أفضل من حيث الصلاحيات وأن يكون العضو مؤهلاً علمياً وإدارياً وأن يكون مشهوداً له بالعمل التطويري وأن يكون المجلس له الحق في جميع ما يؤدي إلى تطوير البلد وليس مراقبة البلدية فقط وأضاف بقوله نتطلع أيضاً بأن يكون جميع أعضاء المجلس منتخبين وأن لا يكون رئيس البلدية من ضمن الأعضاء.