أوصى مؤتمر علماء الأمة الذي عقد في العاصمة السنغالية داكار الدول والحكومات والمنظمات وسائر الأفراد والهيئات بإيلاء التربية والدعوة عناية قصوى باعتبارهما وسيلة إصلاح الفرد والمجتمع. كما أوصى بالعناية بالعلم الشرعي المؤصل من الكتاب والسنة، في المدارس والجامعات والمساجد وفي وسائل الإعلام، والحذر من تصدر المرء في دين الله بحماسة دون فقه، أو ببضاعة من العلم الشرعي مزجاة أو معدومة، لأن سوء فهم الحكم الشرعي مظنة للخطأ في تنزيله على الواقع، والخطأ في التنزيل مدرجة للإساءة إلى الدين وشل حركة الدعوة إلى الله، جاء ذلك خلال المؤتمر الذي عقد خلال الفترة من 4 - 6-7-1432ه بمبادرة من فخامة الرئيس عبد الله واد رئيس جمهورية السنغال الرئيس الدوري لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حضره ممثلاً لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه -، معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد. وأكد المشاركون من 84 دولة في ختام أعمال المؤتمر على ضرورة إيلاء اللغة العربية ما تستحق من عناية باعتبارها لغة القرآن ومستودع حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وباعتبارها وسيلة لتعزيز وحدة الأمة وصيانة إرثها الثقافي المشترك، وتشجيع التعليم القرآني، بأدوات العصر وأساليبه، والتجسير بينه وبين التعليم النظامي، حتى تتربى الأجيال الصاعدة على أساس سليم وسنن قويمة من قيم الملة وثقافة العصر ،ونشر أدب الاختلاف وفقه الائتلاف، ومعاملة المخالف بالحق والإنصاف، بعيدا عن الظلم والإجحاف، استهداء بالكتاب والسنة وسيرا على نهج السلف الصالح، والعمل في هذا الصدد على سد منابع الغلو والتطرف، بالتبصير بحقيقة الملة والتربية على قيم الدين الحنيف وتنقية المقررات الدراسية من كل ما يشيع الحقد ويثير البغضاء بين المسلمين، وحسن الإصغاء إلى الشباب والانفتاح عليه، والحوار الصريح الهادئ الهادف الشفاف معه، ومعاملته بالرفق واللين ودعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، سعيا إلى تحصينه من كل فكر دخيل غير سديد، ومن كل نهج هزيل غير مفيد. وأكدوا ضرورة الاهتمام بفقه الداعية المعاصر، والعمل في هذا الصدد على تكوين دعاة مسلحين بثقافة العصر وتشجيع الدعوة ذات المداخل التربوية والاقتصادية والصحية، والاستفادة المثلى من التقنيات المعاصرة ووسائط نقل المعلومات والقنوات الفضائية لخدمة رسالة الإسلام وإيصال الكلمة الطيبة وتطوير العمل التربوي والدعوي. وأهاب العلماء في توصياتهم التي جاءت في «إعلان داكار» بولاة الأمر والمنظمات المختصة بالمساهمة الفاعلة في تحقيق الحصانة الاقتصادية للأمة، ودعوا إلى إحياء سنة الوقف وتكثيفها وتنميتها وتخصيصها لأعمال البر عامة وللعلم والتعليم خاصة، ويوصون منظمة المؤتمر الإسلامي وهيآتها المختصة بالقيام على مشاريع وقفية كبيرة، خصوصا في البلدان الإسلامية النامية، والتمهيد لذلك بعقد مؤتمر دولي حول آليات الاقتصاد الإسلامي والوقف. وطالبوا بتكوين لجنة متابعة وتنسيق تضم في عضويتها ممثلين من الجهات الراعية والهيآت الدولية الناظمة للعمل الإسلامي،بما فيها: منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والبنك الإسلامي للتنمية ورابطة العالم الإسلامي وهيآتها المختصة، والإٍسراع بتنفيذ توصية مؤتمر علماء إفريقيا المتعلقة بإنشاء رابطة لعلماء القارة على غرار ما هو موجود في قارات أخرى، على أن تتشكل تلك الرابطة من روابط إقليمية تنسق بين العلماء في كل إقليم من أقاليم إفريقيا الكبرى. وشددوا على أهمية العمل على أن تكون للعلماء المسلمين في البلاد الإسلامية أو خارجها لجنة أو رابطة تنسق بينهم وتنظر في القضايا التي تهم المسلمين، وتحكم فيها على هدى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ودعوا إلى العمل الجاد من أجل توثيق عرى الوحدة بين شعوب الأمة وصد العدوان عنها وتحصينها من الفتن والمحن التي تحدق بها. كما دعوا إلى إعلاء مكانة القضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية وعقدية للأمة، والعمل على التعريف بها والانخراط في الدفاع عنها بالدعاء وسائر أشكال الدعم المادي والمعنوي، وتشجيع وحدة الصف الفلسطيني، ودعوة الدول إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وطالبوا بالعمل الجاد من أجل وقف العدوان الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني وعلى مقدسات الأمة، بما في ذلك الحرب الشعواء على بيوت الله، وفي مقدمتها المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وأسرى بنبينا - صلى الله عليه وسلم - إليه وجعله أول قبلة للمسلمين. كما أزجوا خالص الشكر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود لرعايته ودعمه لهذا المؤتمر، ولمؤتمر علماء أفريقيا من قبله. وكان فخامة الرئيس السنغالي قد أشاد في كلمته في افتتاح المؤتمر بجهود خادم الحرمين الشريفين، ودعمه لمؤتمر علماء الأمة وما سبقه من مؤتمر خاص بعلماء أفريقيا. وقال (دائماً ما أجد الدعم والعون في كل الأمور من خادم الحرمين الشريفين وحينما دعوت لإقامة هذا المؤتمر بحكم رئاستي لمنظمة المؤتمر الإسلامي وعرضت هذا الأمر على خادم الحرمين الشريفين أيد ذلك ودعم إقامة المؤتمر في السنغال تقديراً منه ودعماً للعمل الإسلامي).