التوحد هو اللغز المحير الذي مازال غامضاً لدى الكثير من العلماء والباحثين حتى ولو سبب واحد ينير طريق العلاج وينتشل الطفل التوحدي من براثن التوحد ويعيده إلى عالمنا الذي نعرفه، فالتوحد هو إحدى الاعاقات النمائية التي توصف بعجز يعيق تطوير المهارات الاجتماعية، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، والابداع والخيال فينعزل المصاب التوحدي تدريجيا عندما تظهر أعراض التوحد جلية في السنوات الثلاث الأولى وتبدأ معاناة الأسرة المبتلاة في محاولة مضنية للتعرف على ماهية إصابة فلذة كبدهم وماهو سبب تلك الإصابة وماهي الفرص المتاحة للعلاج؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة كلفت العلماء الكثير من الجهد والوقت منذ أن قنن التوحد على يد الطبيب النفسي الأمريكي «ليوكاتر» عام 1943م حيث مازال البحث جارياً دون توقف في مجالات علم اعصاب المخ الطب النفسي، الاضطرابات المعوية، والتربية الخاصة، وغيرها من المجالات الخصبة للبحث، وقد وضع الباحثون العديد من النظريات كل حسب مجال بحثه ومن هذه النظريات: نظرية زيادة الأفيون المخدر، نظرية تسريب الأمعاء، نظرية نقص هرمون السيكريتين، نظرية نقص أو زيادة السيريتونين، نظرية الأوكسيتوسين والفاسوبرسين، نظرية التحصين/التطعيمات mmr/ dpt ، نظرية عملية الكبرتة، نظرية عدم احتمال الكازيين والغلوتين، نظرية التلوث البيئي، نظرية العقل، نظرية الأحماض الأمينية، نظرية جاما انترفيرون، نظرية التمثيل، نظرية الجهد والمناعة، نظرية قصور فيتامين)أ(، نظرية التعرض للاسبارتيم قبل الولادة، نظرية بروتين الأورفانين، نظرية الأم الباردة عاطفياً )تم حذف هذه النظرية لعدم صحتها(، والعديد من النظريات التي لم نذكرها ومازال البحث قائماً، وأحببت مشاركة اخواني وأخواتي القراء والمهتمين في مجال التوحد وأفادتهم بان الصينيين عرفوا إعاقة التوحد وقاموا ومازالوا يعالجون التوحد منذ أكثر من 2000 عام عن طريق تحسين الجهاز الهضمي والمناعي للمصابين بالتوحد والذي كانت نتائجه تحسن أعراض التوحد والسلوكيات الشاذة المصاحبة له. وقد افترض الباحثون في مجال التوحد ان مسببات التوحد ربما تكون بعد الولادة أو أثناء فترة الحمل )وبمقارنة المصطلحات الطبية الصينية بعلم التشريح في الطب الغربي الحديث نجد ان هناك اختلافات واضحة في تفسير المصطلحات الطبية الصينية ربما لايتوافق مع الغرب(. وما أريد توضيحه هو أن الاختلافات ربما تكون مفيدة ومثيرة للجدل أحياناً!!! دعونا نلقي الضوء على «نظرية الكُلى» التي وضعها الباحثون الصينيون في مجال التوحد حيث تنص هذه النظرية على أن الكلى هي عضو خلقي موجود منذ الولادة )congenital( بينما الطحال هو عضو وظيفي رئيسي بعد الولادة )postnatal( وبناءً على هذه النظرية )والتي ذكرت سابقا أنها تختلف عن النظريات الغربية من ناحية تفسير المصطلحات( فان سبب التوحد بعد الولادة غالباً ما يكون تلفا في الجهاز الهضمي وهو عبارة عن مشكلة في الطحال أو المعدة سويا تمنع الجسم من امتصاص فيتامين ب6 b6 وغيرها من العناصر الغذائية التي تساعد على نمو وتطور المخ وصيانته، والكليتان والطحال التالفة أيضاً تسبب تلف الجهاز المناعي. النظرية الطبية الصينية تقول: «إنّ المخ هو محيط النّخاع، والكليتان تهيمنان وتنتجان النخاع» بالنسبة للأطفال التوحديين واستناداً إلى النظرية الطبية الصينية فان التوحد الذي يحدث أثناء الحمل يُعزى إلى مشكلة في وظيفة الكُلى لدى الوالدين والتي ربما تكون عن طريق الأم وأحياناً الأب. وقال الأطباء الصينيون: انه عندما يكون لدى الأم كلية ضعيفة فان الجسم لايمتص فيتامين ب6 b6 بطريقة فعالة )هذه الحالة لاتعتبر مشكلة بالنسبة لمصطلحات الطب الغربي الحديث( إن نقص فيتامين ب6 b6 وبعض العناصر الحيوية يعوق عمليات بناء ونمو المخ ونتيجة لذلك يولد الطفل وهو ذو اضطراب وظيفي في المخ. ان الباحثين الذين كرّسوا جهودهم لدراسة التوحد توصلوا إلى نتيجة مشابهة لنتائج الأطباء الصينيين، وانهم بتطوير الجهاز الهضمي والمناعي لدى المصابين بالتوحد تحسنت أعراض التوحد لديهم، وقد وجدوا أيضاً ان التوحديين الذين يتبعون نظام الحمية الخالية من الكازيين والغلوتين وبعض الملاحق الغذائية الأخرى قد تحسنت لديهم أعراض التوحد وبعض السلوكيات الشاذة قلصت بنسبة 90%. إذاً ابتدأ العلماء التركيز على أن سبب التوحد ربما يكون خللا عضويا ومهما كانت الأسباب فان التدخل المبكر يعتبر من أهم مراحل العلاج بالاضافة إلى برامج التربية الخاصة الموجهة، كما ان العلماء وحتى هذه اللحظة لم يتمكنوا من الوصول إلى علاج طبي يشفي المصابين بالتوحد تماما، حيث ان بعض أعراض التوحد تستمر مدى الحياة ولكن نجح بعض الباحثين في تقليص هذه الأعراض عن طريق الغذاء والملاحق الغذائية المساندة لمساعدة المصاب بالتوحد. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يشفي جميع المصابين بالتوحد وان يشفي مرضى المسلمين.. آمين. ياسر بن محمود الفهد )والد طفل توحدي ( عضو مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد الرياض