ما إن تستعاد قصص رمضان إلى ما قبل سنوات قليلة، إلا وتجد من الأمور التي يعبر عن فقدها، وخصوصاً من جيل الأمهات، الإعداد اليومي لأصناف الأطعمة الرمضانية التي كان يجري البدء بإعدادها من فترة بعد الظهر إلى قبيل موعد الإفطار. تلك الأطباق التي تكاد أن تختفي لذتها وحلاوتها، كانت بسبب استخدام «الأطعمة المفرزنة» أي المبردة في الثلاجات، إذ تضطر بعض النسوة إلى اللجوء إليها بسبب انشغالهن خارج المنزل، أو بسبب الكسل أحياناً أخرى، ما أفقد بعض الأمهات مهمة تعليم فتياتهن فنون الطبخ، وإعداد الأطعمة. تروي المعلمة عائشة الحربي ل«الحياة» في حديثها عن تلك الأيام الذي لم يخلُ من نبرة ألم وافتقاد لجوها الجميل، أنه عندما كانت ربات البيوت يعانين من الإرهاق عند إعداد أصناف وأطباق الطعام، فإن ذلك كانت تصاحبه متعة، ولم نكن نعاني إلا الإرهاق الجسدي. وأضافت: «كان هذا الأسلوب، الذي ورثته عن والدتي واتبعته مع ابنتي الكبرى، ومازلت أحاول تنفيذه بحسب المتاح مع بقية بناتي، لا يحتفظ بالنتيجة التي هي فقط ملء المائدة بما لذ وطاب، من أصناف محببة، وإنما لهدف تعليمي أيضاً، إذ كانت الأم تحرص على استغلال رمضان لتعليم بناتها فنون الطبخ، لتخصص رمضان بانتشار أطعمة معينة فيه، بعكس بقية الشهور». وتبين الحربي أنه في الوقت الحالي قلّ اتباع أسلوب تعليم الفتيات بسبب انتشار كتب الطهي ووصفاته عبر مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى وجود الأصناف الجاهزة في الأسواق والمحال التجارية، التي تنافس إعداد الأطباق المنزلية، فضلاً عند انتشار ظاهرة الفرزنة قبل رمضان، مشيرة إلى أنها أصبحت الشغل الشاغل لربات البيوت قبل رمضان. من جهتها، تلفت رؤى أحمد إلى أن إعداد جميع الأصناف المرغوبة من معجنات وسمبوسك وكبة، يكون من منتصف شعبان بكميات تكفي لشهر رمضان كاملاً، ثم تجمد في «الفريزر» ويؤخذ منها يومياً قدر الحاجة، مبينة أن ذلك الإجراء يهدف إلى التفرغ في رمضان للعبادة، مضيفة: «إلا أنني مازلت أرى نكهة المائدة الرمضانية بالاحتفاظ بإعداد أصناف ولو بسيطة يومية مع الشوربة التي لا يُختلف في إعدادها ساخنة في كل يوم».