ميّزت ردود الفعل السياسية والإعلامية في إسرائيل على الكشف عن قضية المفقود الإثيوبي المولد ابراهام مانغيستو في قطاع غزة، بين حقيقة كون القصة إنسانية «تختلف عن خطف جندي»، وبين تعامل الحكومة والجيش معها «باستخفاف واستعلاء» على خلفية كون المفقود من الإثيوبيين «وليس من مستوطنة معاليه أدوميم» أو «مدينة هرتسليا» (أي أشكنازي) وفرض تعتيم إعلامي على القضية لعشرة أشهر. وأبرزت الصحف أمس اللقاء الذي أجراه العقيد ليئور لوطان الذي كلفه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو متابعة شؤون الأسرى مع أفراد عائلة مانغيستو هددهم خلاله بأنه في حال انتقدوا نتانياهو خلال لقائه بهم (الذي كان مفروضاً أن يتم أمس وتأجل بطلب من والدة المفقود لأسباب صحية) على تجاهله الرسائل التي بعث بها إليه والد المفقود، أو ربطوا هذه القضية بالتعامل العنصري مع اليهود الإثيوبيين، فإن ابنهم سيمكث سنوات طويلة في أسر «حماس». وطلب من العائلة أن تحمّل «حماس» وحدها المسؤولية عن سلامة ابنها، من دون ذكر مسؤولية الحكومة الإسرائيلية. وحصل التهديد في ختام محادثة هاتفية أجراها لوطان مع نتانياهو على مسمع أفراد العائلة، اشتكى فيها نتانياهو من رفع حظر النشر عن القضية، فردّ عليه والد المفقود بسؤال لماذا لم يرد على رسائله خلال الأشهر الماضية، ما أغاظ لوطان الذي دعا الوالد وأفراد الأسرة ل»الكف عن المسرحيات». وبثت القناة العاشرة هذه المحادثة التي سجلها أحد أفراد العائلة سراً لتثير ضجة كبيرة في الرأي العام حدت بعدد من النواب إلى المطالبة بإقالة لوطان من منصبه، فيما كتبت المعلقة سيما كدمون في «يديعوت أحرونوت» أن لوطان «بدا مخيفاً للغاية، وما كنت أتمنى أن أصادفه في طريق مظلمة». لكنها أضافت أنه ما كان ليجرؤ على التحدث بهذه «النبرة الفظة والمخيفة مع أناس مثله لأنه يعرف أنهم كانوا سيركلونه من بيتهم». وسارع لوطان إلى الاتصال من جديد بالعائلة ليقدم اعتذاره لها على «نبرته»، فيما أشاد نتانياهو باعتذار لوطان عن أقوال «ما كان يجب أن يتفوه بها». وحاول القريبون من لوطان تبرير تهديده بأنه لم يقصده، وأن ما أراد قوله هو أنه ليس من مصلحة العائلة تحميل المسؤولية لنتانياهو لأن حركة «حماس» ستستغل ذلك وتحاول ابتزاز إسرائيل و»رفع السعر» في المفاوضات لإعادته إلى بيته. على صلة، اتهمت عائلة الشاب البدوي من النقب الذي اجتاز هو أيضاً الحدود إلى القطاع قبل ثلاثة اشهر واختفت آثاره، الجهات المسؤولة ووسائل الإعلام بأنها تعاطت مع قضية ابنها بعنصرية قياساً بتعاملها مع قضية الشاب الإثيوبي. وأشار أفراد العائلة إلى أن أحداً لم يتصل بالعائلة لترتيب لقاء مع نتانياهو أو مسؤول آخر للاستماع إلى ما لديه من معلومات. وتوقفت تعليقات الصحف تحديداً عند التعتيم الإعلامي المتواصل على القضية، ووصفت سلوك الحكومة والمؤسسة الأمنية بأنه اتسم باللامبالاة والاستخفاف من خلال تجاهل معاناة عائلة مستورة الحال. وأشار معلقون إلى أن الاستخفاف بلغ ذروة غير مسبوقة حين تم إخفاء القضية عن وزراء الحكومة المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية ولجنة الخارجية والأمن، وهو ما دفع زعيم المعارضة اسحق هرتسوغ إلى القول إن «من لم يستشر ويقدم تقارير كما ينبغي لا يستحق أن يكون رئيس حكومة».