باستثناء الحادث المأسوي لتحطم المكوك الفضائي الأميركي كولومبيا في 2003 أثناء عودته الى الأرض، حفل العقد الأول من القرن 21 والألفية الثالثة للميلاد، بإنجازات الإنسان في الفضاء. ووصلت روبوتات البشر الى سطح المريخ قبل 6 سنوات، خصوصاً الروبوتين الفضائيين الأميركيين «سبيريت» و «أوبورتشونيتي». ونجحت وكالة «ناسا» في عمليتي قصف لأجرام سماوية في النظام الشمسي، إذ وجّهت قصفاً صاروخياً لمُذنّب غير بعيد من المريخ، واختتمت العقد الأول من الألفية الثالثة للميلاد ب «قصف» غير متفجر للقمر. وساهمت عمليتا القصف في توسيع فهم العلماء ظاهرة الماء في الكون، مع ملاحظة أن المُذنب المقصوف تكوّن معظمه من الماء المتجمد، وان القصف «الهادئ» للقمر برهن عن وجود ثلج عند قطبيه. وكذلك نجحت روبوتات المريخ في التثبّت من وجود ماض قوي للمياه على سطحه. ويزيد في أهمية فهم ظاهرة الماء كونياً، ظهور تقارير حديثة تشير الى احتمال أن ماء الأرض جاء من الفضاء، محمولاً على متن مُذّنبات متنوّعة! وفي العقد الأول عينه، أُطلِقت تلسكوبات فضائية تعمل بالأشعة الحمراء («كبلر») وأخرى بأشعة أكس، لمسح أطراف الكون. واختتم هذا العقد باكتشاف 97 كوكباً سيّاراً خارج النظام الشمسي، ما رفع إجمالي عدد الكواكب السيّارة الكونية الى 420 كوكباً. وسجّل عام 2009 نفسه بحجر أبيض في مغامرة اكتشاف الكون، باكتشاف أول كوكب سيّار صخري خارج النظام الشمسي. حمل ذلك الكوكب الاستثنائي اسم «كووروت - بي7». والمعلوم ان الكواكب السيّارة المكتشفة كونياً هي غازية التركيب، أي انها مثل الشمس والمشتري، ولكن «كووروت - بي7» له أرض صلبة، كحال كوكبنا الأزرق. وافتتح العقد الثاني من القرن الحالي على وقع اكتشاف 5 كواكب سيارة خارج النظام الشمسي، بواسطة تلسكوب الفضاء «كيبلر» الذي أطلق عند مختتم العقد الأول من القرن عينه. ومن المهم تذكّر ان تاريخ اكتشاف كواكب سيّارة خارج النظام الشمسي، ليس بعيداً، إذ تعود بداياته الى عام 1995. واستطراداً، تقلّص عدد الكواكب في النظام الشمسي، بعد خروج «بلوتون» من قائمتها التي باتت تضم ثمانية كواكب سيّارة هي عطارد، الزهرة، الأرض، المريخ، المشتري، زحل، نبتون وأورانوس. وشهدت المدارات القريبة من الأرض تنافساً ضخماً بين شبكات الأقمار الاصطناعية للدول الكبرى، ما يتصل بهيمنتها على الإعلام والاتصالات اللاسلكية مدنياً وعسكرياً. وبرز في ذلك التنافس المثلث الأضلاع بين أنظمة «غاليليو» (الاتحاد الأوروبي) و «جي بي أس» (الولاياتالمتحدة) و «غلوباس» (روسيا الاتحادية). وزاد في حدّة ذلك الصراع، انتشار تقنيات الاتصال مع الأقمار الاصطناعية، خصوصاً في الخليوي وأدوات توجيه السيارات والحافلات والقطارات، بحيث صارت شيئاً أساسياً فيها. وإذا أضيف الى تلك الصورة، انتشار تطبيقات تعتمد على الأقمار الاصطناعية وصورها وموجاتها، مثل «غوغل إيرث» و «غوغل ستريت»، تتوضح أكثر صورة هذا الصراع الهائل. ومن الملاحظ ان الجيل الجديد من الخليوي، مثل «آي فون» (من شركة «آبل») و «نكسوس وان» (من شركة «غوغل»)، يحمل مجموعة من تقنيات التوجيه وللاتصال والتقاط البثّ المُرسَل من الأقمار الاصطناعية؟ ودخلت الصين الى منتدى الفضاء رسمياً، بإطلاقها مركبتها الأولى حاملة رواد فضاء الى الفضاء الكوني. واستطاعت الصين ان تنفذ أول عملية عسكرية موجّهة ضد قمر اصطناعي، عندما اسقطت «نيرانها» (ولكن بأشعة الليزر) قمراً اصطناعياً أميركياً. وسرعان ما صارت الهند دولة فضائية أيضاً، ربما في سياق الصراع بين عمالقة آسيا (روسيا، الصين والهند). واستطراداً، شهد العقد الأول من القرن 21 تحوّل الفضاء من مغامرة علمية وصراع دولي وتنافس سياسي، شغلت النصف الثاني من القرن 20 الى... سياحة فضاء! ودخلت روسياوالولاياتالمتحدة الى ذلك القطاع الذي يتوقع استمرار تناميه خلال الألفية الثالثة للميلاد.