السيفا (شمال قطاع غزة ) - ا ف ب - تحاول وفاء عواجة التأقلم على الحياة في خيمتها التي اقامتها بالقرب من انقاض منزلها الذي دمرته اسرائيل في حربها على غزة وقد تضاءل الامل في اعادة بنائه مع استمرار الحصار ومنع دخول مواد البناء. وتقول وفاء ( 33 عاما) "نعيش في هذه الخيمة منذ قرابة العام.. ولا امل باعادة بناء المنزل". وتضيف "ما زلنا متخوفين من حدوث حرب جديدة .. كل ذكرياتنا مؤلمة واصبحنا الان مشردين ووضعنا غير مريح لا للصغار ولا للكبار". واقيم بعد الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة مخيم لايواء المشردين في منطقة السيفا شمال غرب بيت لاهيا, شمال القطاع, اطلق عليه اسم "مخيم الثبات". تعلق وفاء صورة صغيرها ابراهيم ابن الثمانية اعوام الذي فقدته في الحرب مع شقيقها على واجهة خيمتها. وتقول وقد انتهت لتوها من تنظيف صحون بلاستيكية بعد تناول وجبة افطار متواضعة من الشاي والزعتر, "في الاشهر الاولى من السكن في المخيم لم يكن هناك اى خدمات مثل الكهرباء والمياه اما الان فتم توصيل الكهرباء والمياه ولدينا بعض الاجهزة الكهربائية مثل الثلاجة والتلفزيون وجهاز كمبيوتر وقمنا بالاشتراك في خدمة الانترنت اللاسلكي كي نتابع الاخبار". وتستذكر وفاء التي هجرت عائلتها من مدينة بئر السبع ايام النكبة الفلسطينية عام 1948, "عدنا للنكبة نفسها.. نعيش الان في خيام لا تحمينا من الكلاب الضالة ولا من البرد وبعضها اهترأ والمياه في الشتاء تدلف عليها". وتضيف المراة بحزن "يوم الرابع من يناير (كانون الثاني) 2009 عندما بدات القوات الاسرائيلية هجومها البري في غزة, اطلق الجنود النار على ابني ابراهيم امام الدار. خرجنا لاسعافه فاطلقوا النار وبعد نصف ساعة اطلقوا النار مرة اخرى.. استشهد ابراهيم واصبت انا وزوجي وبقينا اربعة ايام ننزف في العراء بدون اسعاف وثم نقلنا الى المستشفى بعربة يجرها حصان". وفي الاثناء هدم الجنود منزل العائلة ولم يسعفوا المصابين. وهدم الجيش الاسرائيلي 6400 منزل بصورة كلية او جزئية وفق احصائيات الاممالمتحدة, خلال الحرب التي استمرت 22 يوما في نهاية 2008 وبداية 2009, ولم تسلم حتى المستشفيات من القصف والدمار.؟ وتبدو وفاء متشائمة وتضيف "ليس لدينا امل خاصة في ظل الانقسام وحالة الحرب مع الاسرائيليين..لا امل في ان اخرج من هذا المخيم ولا بعد سنة اخرى". ولاتزال الاف الاسر تقيم في خيام فوق انقاض المنازل التي هدمت في الحرب او في بيوت مستأجرة ولم يتم اعادة بناء اي منزل بسبب منع اسرائيل لدخول الاسمنت ومواد البناء منذ ثلاثة اعوام. ووسط هذه الظروف الطارئة يواصل الاطفال اللهو قرب عشرات الخيام البيضاء والممزقة .. وتقول الطفلة حنان ذات العشرة اعوام وهي تلعب مع مثيلاتها قرب خيمة عائلتها "اليهود هدموا دارنا ..اريد ان اعيش في بيت احسن من الخيمة". وبسبب الانقسام الداخلي الفلسطيني لم تتمكن السلطة الفلسطينية او حكومة حماس من البدء في تنفيذ مشروع اعادة الاعمار والذي تعهدت الدول المانحة بتمويل كلفته التي قدرت بحوالي 4 مليارات دولار. وراى فوزي برهوم, الناطق باسم حركة حماس ان "قرار اعادة الاعمار وفك الحصار ولجم العدوان هو قرار عربي دولي بامتياز.. ترك اكثر من 40 ألف مواطن في العراء.. ولم يحرك احد ساكنا لانقاذ حياته ..هذه ايضا جريمة". ويقول محمود العجرمي (60 عاما) وهو طبيب نفسي واحد الشهود في تقرير القاضي غولدستون عن الحرب في غزة, "ما حصل حرب ابادة بتدمير منازل المدنيين على رؤوسهم وقتلهم بدم بادر لا يمكن ان ننساه". واعتبر العجرمي الذي يحاول ترميم منزله المهدوم جزئيا ان هدف الاسرائيليين "تدمير الوجود الفلسطيني المادي.. لم يكن لدي وهم اصلا بان اعادة البناء ستكون ميسرة, انا لا زلت مصرا على البقاء في بيتي ايا كانت الاثمان". ويشكو ابو جبر ابو ليلى ( 55 عاما) من ازمة اجتماعية حيث دمر منزله المكون من طبقتين ويعيش في خيمتين مع زوجتيه وابنائه السبعة عشر. ويقول "الامور لازالت صعبة لا مثيل لاوضاعنا .. هذه اصعب نكبة نعيشها منذ 1948". ويستذكر ابو ليلى العاطل عن العمل "كان لي منزل واصبح الان سرابا بعد ان دمرته الحرب", ويسأل "الى متى سنبقى في الخيم. فقدت الامل في اعادة بناء المنزل, لكني لن اترك ارضي حتى لو بقيت اعيش على انقاض منزلي". وكانت زوجته ام صابر تعد الطعام على موقد من الحطب في العراء ويحيط بها عدد من اطفالها. وتقول ام صابر وهي تغص بدمعها "لقد تبدد الامل في بناء البيت..كان حلما". ومنذ عام تعاني الاسر التي تقيم في الخيام من نقص المرافق العامة او الطرقات وقبل فترة بسيطة تم وصفها بخدمات الماء والكهرباء. وتصر امنة غبن ( 65 عاما) على البقاء مع ابنائها الاربعة عشر في خيمتها التي قسمتها الى غرفتين للنوم ومطبخ صغير لا يحتوي الا على ادوات بسيطة, فوق انقاض منزلها في المنطقة نفسها. وتقول "نحن ليس في مقدورنا بناء المنزل حتى لو دخلت مواد البناء الى قطاع غزة الا اذا ساعدنا احد.. العالم كله خذلنا.. وعدوا باعادة الاعمار وكله اوهام"