تواصلت في إسرائيل أمس اجتماعات «المنتدى الوزاري السباعي» (المطبخ السياسي) وهو أعلى هيئة وزارية، للبحث في المسودة المطروحة لصفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس»، وسط أنباء بأن ثلاثة وزراء يؤيدونها (إيهود باراك وإيلي يشاي ودان مريدور) وثلاثة آخرين يعارضونها (بوغي يعالون وأفيغدور ليبرمان وبيني بيغين)، فيما لم يحسم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو موقفه بعد، وإن أفادت تقارير أنه يميل إلى معارضة الصفقة بصيغتها الحالية أو أنه «لا يسارع في اتخاذ قرار حاسم». وتحت رقابة عسكرية مشددة على وسائل الإعلام العبرية تمنعها من نشر أي تفاصيل موثوقة عما يدور في الاتصالات بين إسرائيل و «حماس» عبر الوسيط الألماني أو عن تفاصيل الصفقة المقترحة، لم يبق أمام الإعلام سوى اقتباس ما ينشر خارج إسرائيل وإبراز أن نتانياهو يرهن الموافقة على إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين من «الوزن الثقيل» ضمن القائمة التي قدمتها «حماس» بإبعادهم من الضفة الغربية. ويؤيده في هذا الموقف رئيسا «شاباك» و «موساد» اللذان يريان إلى أن بقاءهم في الضفة يضر بأمن إسرائيل. وكان «المنتدى السباعي» استأنف اجتماعاته منذ صباح أمس بحضور أعضائه السبعة وقادة الأجهزة الأمنية المختلفة، رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي أشكنازي ورئيسي «موساد» مئير دغان و «شاباك» يوفال ديسكين، والمسؤول عن ملف الأسرى حاغاي هداس. ولم يرشح شيء عن اجتماعات أمس وأول من أمس التي دامت ساعات طويلة. وجرى التكتم أيضاً على موقف رئيس «شاباك» الذي عارض الصفقة في الماضي، كما رئيس «موساد»، فيما دعمها في الماضي الجنرال أشكنازي. وتوقع والد الجندي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت أن يحسم المنتدى الوزاري موقفه النهائي في غضون 24 ساعة. وقال بعد أن التقى وزوجته رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إن الأخير أطلعهما على آخر المستجدات «والعملية (البحث في مسودة الاتفاق) تتواصل ويتوقع أن تبلغ نهايتها قريباً». وتابع أنه ليس متفائلاً ولا متشائماً. وأضاف: «جئنا للاجتماع لنسمع من رئيس الحكومة ومن جهتنا لم نقل أشياء لم نقلها في الماضي». وكان الوالد قال قبل الاجتماع إن «الوقت حان أيضاً ليحسم قادة حركة حماس موقفهم وإنهاء معاناة مئات آلاف سكان غزة الذين أصبحوا أيضاً رهائن وجياعاً منذ سنوات كثيرة منذ اختطاف غلعاد ويعيشون ظروفاً صعبة ومأسوية وتحت الحصار والجوع... عليهم أن يهتموا بشعبهم الذي يدفع ثمناً باهظاً بسبب مغامرات المجموعة التي تحتجز غلعاد». واستبعدت والدة الجندي أفيفا شاليت اتخاذ الحكومة قراراً يرفض استعادة ابنها معتبرة الفرصة السانحة حالياً للإفراج عنه مصيرية. وتمنت على «المنتدى السباعي» أن يحسم أمره في اتجاه إقرار صفقة التبادل، وقالت إن «الخيار هو بين موت ابني في أقبية غزة أو عودته إلى البيت سالماً... أرجو أن يدرك كل من الوزراء الذين يصوتون على الصفقة أن إصبعه ستحسم بين الحكم بالإعدام على غلعاد أو الإفراج عنه». من جهته، دعا الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إلى إفساح المجال أمام أركان الحكومة لاتخاذ القرار المناسب في قضية شاليت وإبعادهم عن الضغوطات الخارجية والتسريبات الإعلامية. ودعم رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية النائب تساحي هنغبي من حزب «كديما» قرار الرقابة العسكرية فرض التعتيم على مداولات المنتدى السباعي، معتبراً أنه «لا يجوز نشر مزيد من التفاصيل عن الصفقة وموقف بعض الجهات منها لشدة حساسية الموضوع واستفادة الأعداء من هذه المعلومات». من جهتها، بعثت منظمة «الماغور - متضرري الإرهاب الفلسطيني» برسالة إلى رئيس الحكومة أعلنت فيها معارضتها للصفقة الرامية إلى الإفراج عن الجندي شاليت، وحذرت من أن «الإفراج عن مخربين تلطخت أياديهم بدماء إسرائيليين من شأنه أن يؤدي إلى سفك مزيد من الدماء»، فيما بعثت عائلات ثكلى برسالة إلى نتانياهو تحضه على إنجاز صفقة التبادل. وأبرزت تعليقات الصحف «الحمل الثقيل» الملقى على كاهل نتانياهو في اتخاذ «قرار صعب» ودفع «ثمن باهظ». واعتبر كبير المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع القرار «امتحاناً لنتانياهو ولزعامته». وكتب: «ما من مفر أمام دولة، ليست قادرة على فتح أي خيار، لا عملية عسكرية لإنقاذ شاليت، ولا دحر حماس بوسائل عسكرية أو اقتصادية، سوى الاستسلام. وهناك خيار واحد ليس متاحاً أمام حكومة إسرائيل: إبقاء شاليت إلى الأبد في أسر منظمة إرهابية. تكفي ثلاث سنوات». وكتب بن كسبيت في «معاريف» أن نتانياهو لا يملك الشجاعة وميزة القيادة اللازمة لتنفيذ صفقة كهذه... من جهة أخرى لا توجد طريقة أخرى لإعادة الجندي إلى البيت. إن لديه رغبة شديدة في إعادته إلى البيت، لكنه غير قادر على دفع الثمن. الأمر نفسه ينطبق على السياسة الكبرى، إنه راغب جداً في صنع السلام، وفي الوقت نفسه غير قادر على دفع الثمن».