للمرة الأولى منذ تسلّم حزب «العدالة والتنمية» الحكم في تركيا عام 2002، يواجه الحزب تحدياً قوياً في الانتخابات النيابية أساسه الاقتصاد، إذ أن الحزب الذي عُرف بأنه منقذ الاقتصاد التركي من أزمة العام 2001، بات مسؤولاً عند «أزمة موقتة» وفق توصيف الرئيس رجب طيب أردوغان. فكل المؤشرات الاقتصادية في تراجع، ومعدّل البطالة بلغ أعلى نسبة في السنوات الخمس الماضية، كما أن الليرة التركية كانت أكثر العملات في العالم خسارة لقيمتها خلال الأشهر الأربعة الماضية، وفق أرقام البنك الدولي، في شكل بات يذكّر المواطنين بسنوات العملة المنهارة ذات الأصفار الستة التي تصحو على سعر في مقابل الدولار وتغفو على آخر. وفيما كانت الأحزاب المعارضة تركّز حملاتها الانتخابية على مسائل قومية وعلمانية، خرج «حزب الشعب الجمهوري» بحلة جديدة رافعاً سيف الاقتصاد شعاراً لحملته الانتخابية. وقدّم رئيسه كمال كيليجدارأوغلو وعوداً اقتصادية كثيرة، من إلغاء الضرائب على الحد الأدنى للأجور، وعلى جرارات الزراعة لدعم المزارعين، ومشاريع اجتماعية أخرى ضمن خطة عمل في أول مئة يوم، وأول سنة، في حال وصول الحزب إلى الحكم. وهذه المرة الأولى التي يطرح فيها حزب معارض مشروعاً متكاملاً، ولا يركّز في حملته الانتخابية على مسائل أيديولوجية أو الاكتفاء بانتقاد سياسات الحزب الحاكم. لكن هذه البادرة التي أثارت رضى الناخبين اليساريين، واجهت انتقادات من محللين اقتصاديين رأوا فيها خيالاً لا يمكن تحقيقه. بل أن وزير المال محمد شيمشيك قال متحدياً: «لو استطاع حزب الشعب الجمهوري تحقيق وعوده، سأستقيل من حزبي وأصوّت لهم». ويراهن «حزب الشعب الجمهوري» على صفقة عقدها مع الوزير السابق كمال درويش، المنقذ الحقيقي للاقتصاد التركي عام 2000 حين جاء من البنك الدولي وأعاد صوغ كل قوانين الاقتصاد. ووافق درويش على الانضمام إلى الحزب، إذا تسلّم السلطة، من أجل إدارة الاقتصاد، لكنه لن يترشح على قوائمه. وأي تعليق لدرويش على خطة الحزب، إما أن ينسفها أو يجعلها دستوراً، لذلك يلتزم الصمت. لكن كيليجدارأوغلو يؤكد أن تغيير السياسة الخارجية لتركيا سيساهم في تحقيق الخطة الاقتصادية، خصوصاً بعد تحسين العلاقات مع الدول العربية، وهذا رهان آخر يتجنّب «العدالة والتنمية» الخوض فيه. إلى ذلك (أ ف ب)، سخر أتراك من رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بعدما برّر تجاهله عملية السلام مع الأكراد، في البرنامج الانتخابي للحزب الحاكم (350 صفحة) وفي خطابه المطوّل لدى تقديمه الأسبوع الماضي، بخطأ مطبعي. ولفت صحافيون إلى أن كلمة «كردي» لم تُذكر سوى مرة في البرنامج، عند الإشارة إلى أضخم أقلية في تركيا بوصفهم «مواطنين من أصل كردي». وأصر داود أوغلو على أن مشكلات متعلّقة بالطباعة الرقمية، أدت إلى «سقوط صفحة أو اثنتين عند إرسال البرنامج إلى المطبعة»، وزاد: «لكن تلك الصفحات ستُضاف وستُعاد طباعة البرنامج». لكن صحافياً في جريدة «زمان» المعارضة للحزب الحاكم سخر من «الحسّ الكبير من الفكاهة» الذي يتمتع به رئيس الوزراء، فيما تساءل مغرّد على موقع «تويتر» كيف لداود أوغلو «إدارة شؤون بلد»، ما دام يعجز عن «تشغيل مطبعة».