أعلن الرئيس التركي المنتخب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، أن المكتب السياسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم اختار وزير الخارجية أحمد داود أوغلو ليخلفه في زعامة الحزب ورئاسة الحكومة. وشدد أردوغان على أن الاختيار تم بعد استشارات مكثفة وإجماع ضخم داخل الحزب، لكنه حذر في الوقت ذاته من انقسام في «العدالة والتنمية»، إذ أعرب عن «ثقته بأن الحزب سيتغلّب على محاولات زرع الفتنة داخله». وأشارت مصادر في الحزب إلى أن الإجماع كان حلاً أخيراً، بعد رفض أردوغان تنظيم انتخابات علنية بمشاركة أكثر من مرشّح، وإغلاقه الباب أمام عودة الرئيس المنتهية ولايته عبدالله غل. كما أصرّ على تفعيل النظام الداخلي للحزب، من خلال منعه النواب الذين أكملوا 3 دورات في البرلمان، من خوض الانتخابات النيابية العام المقبل، ما يعني إغلاق الباب أمام 72 من أبرز قياداته. وبذلك يكون أردوغان خالف جميع القادة السياسيين الذين سبقوه في تسلّم الرئاسة، إذ أتاحوا لأحزابهم اختيار زعيمها من بعدهم، فبات أول زعيم سياسي يختار خلفه في حزبه. وقال أردوغان في إشارة إلى داود أوغلو: «مرشحنا لرئاسة الحزب والحكومة سيحقّق مُثُل تركيا الجديدة وأهداف حزب العدالة والتنمية للعام 2023»، الذكرى المئوية الأولى لتأسيس مصطفى كمال أتاتورك تركيا الحديثة. ولفت إلى أن أحد عوامل اختيار داود أوغلو لرئاسة الحزب والحكومة، هو تصميمه على مكافحة «الكيان الموازي»، في إشارة إلى جماعة الداعية فتح الله غولن التي يتهمها أردوغان بالتغلغل في مؤسسات الدولة ومحاولة إطاحة حكومته، بعد فضيحة فساد كبرى طاولته ومقربين منه. وأضاف الرئيس المنتخب: «سنتابع هذا النضال معاً. كوني رئيساً لن يعرقل كفاحي ضد الكيان الموازي». كما أعلن أنه سيساند الرئيس المقبل للحكومة في تسوية القضية الكردية، مشدداً على أولوية وضع دستور جديد لتركيا، علماً أن أردوغان يسعى إلى تعزيز صلاحيات رئاسة الجمهورية، من خلال تحويل النظام في تركيا إلى رئاسي أو شبه رئاسي. لكن المعارضة نددت بمساعي أردوغان في هذا الصدد، إذ قال رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو: «يبدو أن تركيا دخلت عهد رؤساء الوزراء الدمى». أما داود أوغلو فوصف أردوغان بأنه «قائدنا»، معتبراً أن الحزب الحاكم هو «حركة استعادت الدولة في السنوات ال12 الماضية، وستتابع ذلك بلا انقطاع». وتابع: «البلد الذي اعتُبر رجلاً مريضاً قبل 12 سنة، يقف الآن على قدميه، وتذكّر مهمته التاريخية وبدأ مسيرة مباركة». وتعهد ألا يستطيع «الكيان الموازي ولا أي قوة أخرى، مواجهة هذه المسيرة». لكن داود أوغلو يواجه تحديات ضخمة وصعبة في المرحلة المقبلة، أهمها إعداد الحزب للانتخابات النيابية الصيف المقبل، من أجل الفوز بثلثَي مقاعد البرلمان، ما يتيح تعديل الدستور، إضافة إلى إدارة الحزب داخلياً، إذا فرض أردوغان عليه، كما يعتقد محللون، الوزراء الذين سيعملون معه. ناهيك عن التعامل مع أردوغان في الرئاسة، وفريقه من المستشارين المتلهّفين لدخول قصر شنكايا وممارسة السلطة من قمة الهرم السياسي. وشكّل تأكيد أردوغان ضرورة إذعان كل أجنحة الحزب لداود أوغلو، إشارة واضحة إلى وجود تيار رافض لما يحدث، ويفضّل عودة غل إلى زعامة الحزب، علماً أن هذا الرفض لا يتعلّق بشخص داود أوغلو، بل بإصرار أردوغان على فرض وصايته على الحزب. وكان لافتاً مخاطبة داود أوغلو أعضاء الحزب فور إعلان اختياره، ب»إخواني في القضية»، في إشارة واضحة إلى أنه سيتابع سياساته المعروفة خارجياً، على اعتبار أنها سياسة قضية، لا سياسة دولة. ويُفترض أن يُنتخب داود أوغلو رسمياً رئيساً للحزب في 27 من الشهر الجاري، قبل يوم من تنصيب أردوغان رئيساً للجمهورية وتكليفه داود أوغلو تشكيل الحكومة. وحتى ذلك الحين، سيبقى أردوغان زعيماً للحزب الحاكم ورئيساً للوزراء ورئيساً منتخباً، وهذا ما تصرّ المعارضة على اعتباره انتهاكاً للدستور والقانون.