تحوّلت فضيحة تسريب تسجيل لاجتماع سري ناقش خلاله مسؤولون أتراك تدخلاً عسكرياً محتملاً في سورية، سجالاً بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وأحزاب المعارضة، عشية انتخابات بلدية يُرجّح أن تشكّل اختباراً حاسماً للجانبين. وفتح المدعي العام في أنقرة تحقيقاً في بثّ التسجيل الصوتي على موقع «يوتيوب»، الذي حجبته السلطات بعد أسبوع على حجبها موقع «تويتر» بسبب حسابات تنشر تسجيلات لفضائح فساد منسوبة إلى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ومقربين منه. والاجتماع السري الذي أوردت وسائل إعلام تركية أنه عُقد في 13 الشهر الجاري في مقرّ وزارة الخارجية، شارك فيه وزير الخارجية أحمد داود أوغلو ونائبه فريدون سنيرلي أوغلو ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، ويشار غولر نائب رئيس الأركان. وقال داود أوغلو: «كانت غرفة ثُبِّتت فيها أجهزة تشويش للبثّ، وهذه القرصنة المعلوماتية في أثناء اجتماع تُناقش فيه عمليات عسكرية لا يمكن اعتبارها سوى هجوم عسكري، إذ لا فرق بين انتهاك حدود أو تسجيل اجتماعات سرية للدولة». وأضاف أن «كل شيء سيخضع لتفتيش دقيق والجميع سيُستجوب» في وزارة الخارجية التي ستخضع لتفتيش بحثاً عن ميكروفونات قد تكون مزروعة فيها. واتهم جماعة الداعية فتح الله غولن بالمسؤولية عن التسريب، قائلاً: «قبل أيام من الانتخابات، الجميع يفهم جيداً من يقف وراء ذلك. سنتخذ تدابير ضد الذين يريدون إغراق تركيا في فوضى لأغراض سياسية». وأوردت وسائل إعلام تركية أن السلطات ألغت جواز سفر «أخضر» يستخدمه غولن المقيم في الولاياتالمتحدة، بحجة حدوث «مخالفات» خلال حصوله عليه العام 1990. ويُمنح هذا الجواز لمسؤولين في الدولة، حاليين وسابقين. واعتبر الرئيس عبدالله غل تسريب التسجيل «تطاولاً ووقاحة وبمثابة تجسس يهدد الأمن القومي»، مضيفاً أن «الدولة لم تعهد هذا الأمر، ولن تتهاون معه أبداً، إذ ستعاقب فاعليه». وأعلن انه كان أمر بعقد الاجتماع لمناقشة «أي سيناريو» في سورية. أما بولنت أرينتش، نائب رئيس الوزراء، فاتهم مسرّبي التسجيل ب «الخيانة»، متعهداً ب «اعتقالهم ومحاكمتهم». وتابع أن «أشخاصاً سيئين يسعون إلى إسقاط حزب العدالة والتنمية وإركاع أردوغان وإفساد الانتخابات». في المقابل، اعتبر رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدارأوغلو، أن «الدولة التركية لم تعد لديها أسرار» بسبب التسريبات، وسأل الحكومة: «كيف يتم التنصت على اجتماع مشابه وهي المسؤولة عن البلاد؟»، ودعا إلى محاكمة الفاعل، مذكّراً بأنه كان ناشد رئاسة الأركان «الابتعاد عن السياسة قدر الإمكان، لئلا يُزَجّ بالجيش في حرب مع سورية». ونقلت وكالة «رويترز» عن كيليجدارأوغلو قوله إن أردوغان يدفع تركيا إلى حقبة ديكتاتورية أخرى، وزاد: «سيقول ويفعل أي شيء، لأنه يقاتل من أجل حياته ويعرف جيداً جداً ماذا سيحدث إذا فقد السلطة، يعرف أنه سيُسجن. والأرجح أنه سيُضطر إلى الهروب من البلاد». أما شوكت تشيتين، نائب رئيس حزب الحركة القومية، فوصف تسريب التسجيل بأنه «مصيري»، مضيفاً ان «خطط المسؤولين البارزين بالنسبة إلى سورية قاتلة، وتسريب المحادثات بسبب ضعف الأمن هو فشل مفتوح». واعتبر أن الحزب الحاكم خائف من نتائج الانتخابات، ويريد التستر على فضائح الفساد من خلال إيجاد «أجواء حرب». وانتقد حزب السلام والديموقراطية الكردي محاولة الحزب الحاكم «جرّ البلاد إلى حرب، منتهجاً أساليب غير شرعية»، معتبراً أنه لا يتورّع عن إشعال حرب لحماية حكمه. ونسبت «رويترز» إلى مسؤول حكومي بارز قوله: «هذه إحدى أضخم الأزمات في تاريخ تركيا»، مضيفاً: «ثمة قلق جدّي في شأن ما سيلي الآن، وإذا كان اجتماع مشابه تعرّض لتنصت، فقد يحدث الأمر في لقاءات أخرى، ولا نعرف من يملك» التسجيلات. في غضون ذلك، جمّد أردوغان مشاركته في حملات انتخابية، بسبب بحة أصابت صوته، فيما اعتبر رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، أن الاقتراع سيشكّل «بداية مرحلة جديدة في الحياة السياسية التركية».