يعتقد كثير من مديري الشركات ورؤساء مجالس اداراتها أن كل المواطنين يستلمون مثل رواتبهم وامتيازاتهم، ويسكنون في بيوت تملك مثلهم، ويحصلون على «بونص» في كل عملية مثلما يحصلون هم، لذا فهم «آخذون الموضوع على أقل من مهلهم»، لان من يملك المليون والبليون لا ينتظر صرف الالف والالفين. حقيقة لم أجد أقرب من هذا التفسير لفهم تأخر الشركات المساهمة في توزيع الأرباح النقدية لمستحقيها من المساهمين أو المواطنين الذين ينتظرون نهاية العام للحصول على عائد استثماراتهم في هذه الشركات، ليكتشفوا أن سنة الشركات المساهمة عندنا 18 شهراً وليست 12 شهراً كما في كل التقاويم والحسابات الفلكية، لأن المواطن ينتظر نتائج الشركة عاماًً كاملاًً، وينتظر نصفه (ان لم يكن أكثر) لتسلم ربحه المستحق. فاليوم هو الجمعة السابع عشر من نيسان (أبريل) 2009، أي أنه مضى على استحقاق الارباح 107 أيام، وعلى رغم إعلان كثير من الشركات لنتائج الربع الاول من العام الحالي، إلا أن كثيراًً من هذه الشركات لم توزع أرباح العام المنصرم لمستحقيها، وهو ما يمكن إدراجه تحت بند عدم اللامبالاة بالمستثمر الصغير او المواطن الذي لا يجد في النظام ما يحميه. وللتوضيح أكثر، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد أوصى مجلس ادارة بنك الجزيرة بصرف أرباح نقدية بمقدار 50 هللة للسهم، بتاريخ 17 كانون الثاني (يناير) 2009، الا أن تاريخ الاستحقاق سيكون يوم 19 نيسان (أبريل) الجاري، أي ان هناك 92 يوماً بين تاريخ التوصية وتاريخ الاستحقاق، وليس لذلك مبرر - في نظري- سوى ما أشرت إليه في بداية المقال. وأما شركة العثيم، المدرجة حديثاً في السوق، فقد تمت التوصية بتوزيع 1.5 ريال للسهم بتاريخ 23 شباط (فبراير) 2009، وستعقد الجمعية العمومية للشركة بتاريخ 27 أبريل الجاري، أي بعد 61 يوماً من التوصية، وبعد 117 يوماً من نهاية العام المستحق توزيع الارباح عنه، وأتساءل عن سبب التأخير، لاسيما وتلك الشركة يديرها رجل واحد يملك فوق ال 50 في المئة من أسهمها (71 في المئة بوكالة ولده وبناته)، وهو ما يعني أنه يستطيع وحده الموافقة على توصية مجلس الادارة، وصرف أرباح المساهمين معه بلا تأخير، إلا انه لم يفعل. ولعل اسوأ الشركات المساهمة من ناحية التأخير هي شركة البحر الاحمر، فعلى رغم توصية مجلس ادارتها بتوزيع 3.5 ريال للسهم في آخر يوم من شباط (فبراير) المنصرم، فإن الاستحقاق لن يكون قبل 25 أبريل الجاري، وهو موعد انعقاد الجمعية العمومية، ولا يعلم الا الله متى ستحول الارباح إلى حسابات المساهمين، فبيانات أرباح الشركة على موقع «تداول» تشير إلى أن أرباح 2007 حولت في حسابات المساهمين في 17-5- 2008، اما أرباح 2006 فقد وصلت إلى محافظ المساهمين بتاريخ 18-7-2007 أي بعد مضي ستة اشهر و18 يوماً بالتمام والكمال، وبهذا تستحق وصف الاسوأ في التوزيع بامتياز. وعلى رغم أن النظام ينص على ألا تقل التوزيعات السنوية للارباح عن 10 في المئة من ربح الشركة السنوي الصافي، الا أن هذا النظام لم يشر من قريب أو بعيد إلى تحديد مدة معينة لتوزيع هذه الارباح، ما يجعل هذه الشركات «تماطل» وتتصرف «بأقل من مهلها»، لانه لا نظام يجبرها، ولا عقوبة تنتظرها، ولا قيمة لديها لصوت وحاجة الصغار من مستثمريها. واختم بأن هذه الشركات تسارع لاعلان نتائجها خلال 20 يوماًً بعد نهاية العام، والا تعرضت لعقوبة هيئة السوق المالية، ولو فرضنا مثل تلك المدة لعقد الجمعية العمومية ومثلها أيضاًً لتحويل الارباح للمساهمين لانتهى الامر كله في شهرين، إلا ان كان تأخير عقد الجمعية واستحقاق الارباح يؤخر عمداً للمضاربة على الشركة خلال الاربعة اشهر الاولى من العام بدافع الحصول على «جزرة» الارباح، وهذا ما يوجب تدخل وزارة التجارة و «هيئة السوق» لحماية الصغار من تلاعبات الكبار. * اقتصادي سعودي - بريطانيا