تأكد أمس أن الحكومة المصرية «لا تنوي إجراء تعديلات جوهرية» على قوانين الانتخابات التشريعية، وأنها ستكتفي بتلافي عدم الدستورية في نصوص مواد تسببت في وقف الاستحقاق الذي كان مقرراً الشهر الماضي، فيما لم يتحدد بعد موعد إجراء الانتخابات، وإن كانت مؤشرات ترجح أنه لن يكون قبل مطلع آب (أغسطس) المقبل. وكانت المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية تقسيم الدوائر المخصصة للنظام الفردي «لغياب التمثيل المتكافئ»، قبل أن تقضي بعدم دستورية حظر ترشح مزدوجي الجنسية. وأدى الحكمان إلى إرجاء الانتخابات وإعادة تشكيل لجنة قانونية لإجراء التعديلات المطلوبة على القوانين، منحها الرئيس عبدالفتاح السيسي شهراً للانتهاء من عملها ينتهي يوم الجمعة المقبل. واجتمعت اللجنة التي يترأسها وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي أمس مع مجموعة من الأحزاب، في حضور رئيس الحكومة إبراهيم محلب، ضمن سلسلة من الاجتماعات للاستماع إلى رؤية الأحزاب في التعديلات المطلوبة. لكن وفقاً لمشاركين في الاجتماع الأول تحدثت إليهم «الحياة»، فإن الحكومة «ستكتفي بتعديل المواد التي طعن بعدم دستوريتها، والمتعلقة بالمقاعد المخصصة للمنافسة بنظام الفردي، ولن تقترب من تقسيم المقاعد المخصصة لنظام القوائم». ووفقاً للقانون القديم يتشكل البرلمان الجديد من 540 مقعداً بالانتخاب، تتم المنافسة على 420 بالنظام الفردي، و120 أخرى بنظام القوائم المطلقة، وتتجه الحكومة إلى زيادة مقاعد الفردي لضمان التمثيل المتكافئ وتلافي عدم الدستورية. وشارك في اجتماع أمس عدد من الشخصيات العامة وممثلون عن 11 حزباً وتكتلاً سياسياً، من إجمالي 75 ستجتمع بهم الحكومة على التوالي. وبدا أن الهدف من الاجتماع توجيه رسالة إلى المتنافسين في التشريعيات بأن «لا نية لتأخير التشريعيات»، وهو ما شدد عليه رئيس الحكومة في كلمته أمام الحاضرين، مؤكداً أن حكومته «حريصة على إجراء الانتخابات في أسرع وقت، وتأجيلها ليس بيد الحكومة». وأضاف محلب: «نرى أن هذا التأجيل سيسهم في الحفاظ على استمرارية المجلس المقبل لتلافي الأخطاء السابقة، وتحصينه قدر الإمكان من الناحية الدستورية». وشدد على «ضرورة التوافق بين السياسيين». وقال: «التوافق لا غنى عنه في أي دولة ونحتاج إليه في شدة في الفترة المقبلة». وأكد وزير العدالة الانتقالية أن لجنة تعديل قوانين الانتخابات التي يترأسها «تسعى إلى كتابة قانون يعمل على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة». وأضاف أن «اللجنة تؤكد سرعة تحقيق الاستحقاق الثالث من خريطة المستقبل، والانتهاء من إجراء التعديلات على قوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية في أسرع وقت ممكن مع تلافي أي عوار يشوبها». وقال: «لا توجد نية لإرجاء الانتخابات كما يشاع... مصلحة مصر تكمن في سرعة الانتهاء من إجراء الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق، ولجنة تعديل قوانين الانتخابات بدأت عملها فعلياً بدراسة وبحث جميع الإشكالات التي يجب أن يتلافاها القانون في ضوء أحكام المحكمة الدستورية»، مشدداً على «حرص اللجنة أيضاً على الاستماع إلى جميع رؤى القوى السياسية ومناقشة آرائها كونها منصهرة في المجتمع». ووصف ل «الحياة» رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» المنخرط في «تحالف الوفد المصري» محمد أنور السادات، الاجتماع بأنه «كان جلسة استماع إلى آراء الأحزاب»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتجه إلى الالتزام بالتعديلات التي طلبتها المحكمة الدستورية على قوانين الانتخابات، وعدم إجراء تعديلات واسعة». وقال: «كان هناك تأكيد لضرورة الإسراع بإجراء التشريعيات، لكنهم لم يفصحوا عن موعد الانتخابات». وتوقع أن تنتهي الحكومة من التعديلات المطلوبة «قبل منتصف الشهر الجاري، على أن تعرض على اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات التي ستأخذ في الاعتبار حين تضع المواقيت، المسائل اللوجيستية مثل انشغال المدارس بالامتحانات التي تنطلق الشهر المقبل، ثم شهر رمضان». وقبل بدء الاجتماع أعلن مساعد الأمين العام لحزب «الوفد» حسام الخولي أن حزبه سيطرح على الحكومة «ضرورة تطبيق نظام الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية العليا على قوانين الانتخابات»، موضحاً أن «الرقابة السابقة لا تمنع الرقابة اللاحقة ولكنها مهمة، باعتبار أن المرحلة استثنائية لا تتحمل الطعن بعدم الدستورية على البرلمان المقبل». غير أن السادات أكد ل «الحياة» أن لجنة تعديل القوانين رفضت اقتراح الرقابة السابقة حين طرحه بعض الأحزاب المشاركة، «على اعتبار أن هذا الطرح يحتاج إلى تعديل في الدستور». لكنه أشار إلى أن «الحكومة أبدت انفتاحاً على عرض القانون على المحكمة الدستورية بعد تعديلها لأخذ الرأي، كما أن هناك اتجاهاً للنص في القانون على أنه في حال قُضي بعدم دستورية مواد في القانون بعد انتخاب المجلس يكمل مدته على أن تتم الاستجابة للاعتراضات في قوانين الانتخابات اللاحقة». ووفقاً لبيان حكومي شهد الاجتماع «مطالبات بتعديل إحدى مواد قانون المحكمة الدستورية بحيث يؤخذ رأيها في قوانين الانتخابات مسبقاً لتحقيق الاستقرار للبرلمان المقبل، خصوصاً أنه سبق الحكم أكثر من مرة بعدم دستورية القوانين الخاصة بالانتخابات، كما كانت هناك ملاحظات على الحد الأقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية وتمثيل المصريين في الخارج، والتمثيل العادل والمتكافئ، وغيرها من المواد، وطالب بعض الحاضرين بضرورة التعامل على الوضع الحالي والبناء عليه، بحيث يتم تصحيح العوار الدستوري في المواد المحددة التي حكم فيها فقط، بينما رأى آخرون فتح الحوار بوجه عام على قوانين الانتخابات». إلى ذلك، عقدت لجنة الانتخابات في «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» اجتماعاً أمس ترأسه رئيس الحزب محمد أبو الغار، وناقش مستجدات العملية الانتخابية. واستأنفت اللجنة تلقي مزيد من طلبات الترشح لتمثيل الحزب في الانتخابات البرلمانية على المقاعد الفردية. ولفت الحزب في بيان إلى أنه «عقد لقاءات مع مرشحين لاختيار من يؤمن بمبادئ الحزب وأهدافه ويلبي معايير النزاهة، ولديه فرص كبيرة للفوز في الانتخابات، من دون إغفال التوجه الواضح للحزب وهو تشجيع ترشح الشباب والنساء».