أعاد حكم قضائي بعدم دستورية قانون «تقسيم الدوائر الانتخابية» الاستحقاق التشريعي الذي كان مقرراً أواخر الشهر الجاري، إلى المربع الأول، وأصاب المشهد السياسي المصري بالارتباك. وكان النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية القاضي أنور العاصي، تلا الحكم القضائي، فور اعتلائه منصة المحكمة، صباح أمس قائلاً أن المحكمة قضت ب «عدم دستورية نص المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون الرقم 202 لسنة 2014 في شأن تقسيم الدوائر في انتخابات مجلس النواب» (للمزيد). وأدى الحكم القضائي بالتبعية إلى إرجاء الاستحقاق التشريعي الذي وصل مساره إلى فتح الباب أمام الدعاية الانتخابية الأسبوع الماضي، بعد إعلان لائحة المرشحين. إذ إن الحكومة المصرية ستُباشر تعديل القانون، قبل أن تعرضه على مجلس الدولة المصري لمراجعة صياغته، ثم تعتمده الحكومة ويصادق على التعديلات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ومن ثم تحدد اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات جدولاً زمنياً جديداً للانتخابات التشريعية يبدأ بفتح الباب مجدداً أمام الترشح، وهو ما أكدته اللجنة أمس. ويقتصر الحكم بعدم الدستورية على الدوائر المخصصة للمنافسة على المقاعد الفردية، ويُتوقع أن تلجأ الحكومة إلى زيادة عدد مقاعدها لتلبية التعديلات المطلوبة في القانون، فيما تبقى المقاعد المخصصة لنظام القوائم (120 مقعداً) كما هي. وكانت اللجنة القانونية التي صاغت القانون ترى في البداية توزيع الدوائر الفردية على نحو 450 مقعداً، الأمر الذي أثار انتقادات، ما دعاها إلى خفض العدد إلى 420، وهو الأمر الذي طاوله طعن بعدم الدستورية لعدم التمثيل المتكافئ للناخبين. وأوضح مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، عضو اللجنة التي صاغت قوانين التشريعيات، اللواء رفعت قمصان، أن التعديلات التي ستدخلها الحكومة في قانون الانتخابات «وفقاً لمنطوق حكم المحكمة الدستورية، ستكون على جداول تقسيم مقاعد النظام الفردي، والحكومة في انتظار تسلم أسباب الحكم من المحكمة، لبدء إجراءات التعديل ومعرفة هل ستتم زيادة أعداد المقاعد أم تخفّض». وكان مفترضاً أن ينطلق الاقتراع في 21 الشهر الجاري، على أن يختتم نهاية الشهر المقبل، ويتوقع تقليص الجدول الزمني للانتخابات لكي تختتم قبل شهر رمضان المصادف في حزيران (يونيو) المقبل. ومن شأن إرجاء هذه الانتخابات إحراج الحكم في مصر الذي يستعد لاستضافة المؤتمر الاقتصادي في منتجع شرم الشيخ منتصف الشهر، لا سيما أمام الدول الغربية التي ترهن مساعدتها بالمسار الديموقراطي، ما دعا الرئيس السيسي إلى الإسراع في تحديد شهر لإجراء تعديلات في القانون تستجيب الحكم الدستوري. لكن الأمر جاء في مصلحة القوى السياسية الراغبة في التنافس على مقاعد البرلمان. فمن جهة سيعطيها فرصة أخيرة لإنضاج التحالفات التي دشنت على عجل، كما أن من شأنه أن يجعل بعض الأحزاب السياسية التي أعلنت مقاطعتها الاقتراع، تُراجع مواقفها. لكن المصلحة الأكبر ستصب لدى أسماء استبعدتها لجنة الانتخابات من لائحة المرشحين، لعدم استكمال أوراقها، ومن بينها أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل، رجل الأعمال أحمد عز. وفور صدور الحكم عقدت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات اجتماعاً خلص إلى قرار إرجاء الاقتراع، وأعلنت اللجنة أنها ستعدّ جدولاً زمنياً جديداً بالإجراءات الانتخابية «في أعقاب صدور التعديلات التشريعية التي تتفق وأحكام المحكمة الدستورية العليا».