عاد الحديث عن ترتيبات الاستحقاق التشريعي إلى المشهد السياسي المصري، مع ختام المؤتمر الاقتصادي في منتجع شرم الشيخ أول من أمس، بإعلان الحكومة تأمين وعود واتفاقات استثمارية بعشرات البلايين من الدولارات. وعلمت «الحياة» أن اللجنة القانونية التي أعيد تشكيلها لإجراء تعديلات على قوانين الانتخابات للاستجابة لملاحظات المحكمة الدستورية العليا، تتجه إلى زيادة المقاعد المخصصة للمنافسة بالنظام الفردي إلى نحو 20 مقعداً، بحيث تصبح 440 مقعداً، على أن توزّع المقاعد الإضافية على الدوائر التي تسببت في الحكم بعدم دستورية تقسيم الدوائر الانتخابية لعدم التمثيل المتكافئ، فيما سيتم الإبقاء على المقاعد المخصصة للمنافسة بنظام القوائم المطلقة (120 مقعداً) بلا تعديل. وكان رئيس الحكومة إبراهيم محلب أعلن في تصريحات على هامش مؤتمر شرم الشيخ، أن الانتخابات البرلمانية ستبدأ في أيار (مايو) أو حزيران (يونيو) المقبلين، لكنه لم يوضح ما إذا كان تحديد هذا الموعد لإجراء الاقتراع أم لبدء إجراءات التشريعيات، وإن كان إجراء الاقتراع في حزيران غير واقعي، إذ إنه يتزامن مع امتحانات نهاية العام في المدارس التي تستخدم مراكز اقتراع، كما أن شهر رمضان سيحل في منتصف حزيران، ما يرجح إجراء الاقتراع مطلع آب (أغسطس) المقبل، وفقاً لمسؤول مطلع على ترتيبات الاستحقاق. وكانت المحكمة الدستورية العليا قضت أواخر الشهر الماضي بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر الانتخابية «لغياب التوزيع العادل»، قبل أن تعود لتقضي بعدم دستورية مادة في قانون تنظيم التشريعيات كانت تحظر ترشح مزدوجي الجنسية، ما دعا السلطات المصرية إلى إرجاء التشريعيات. واستبعد عضو في اللجنة القانونية التي تجري تعديلات على القوانين، إجراء تعديلات واسعة على قوانين الانتخابات، كما تطالب قوى سياسية. وكشف ل «الحياة» أن «الاتجاه داخل اللجنة هو الاكتفاء بزيادة عدد المقاعد المخصصة للمنافسة بنظام الفردي إلى نحو 440 مقعداً بإضافة دوائر جديدة لتلافي معضلة غياب التمثيل العادل، كما سيتم السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح»، مشيراً إلى أن «اللجنة ستعرض قوانين الانتخابات على المحكمة الدستورية لدراستها وبيان مطابقة التعديلات الجديدة لمواد الدستور لتلافي الحكم مجدداً بعدم الدستورية». وكان رئيس اللجنة وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب إبراهيم الهنيدي أوضح أن اللجنة تعيد إجراء العملية الحسابية الخاصة بالدوائر الانتخابية «لضبط جدول تقسيم الدوائر الانتخابية، وليس لمجرد إجراء تعديلات تصحيحية فقط على بعض الدوائر»، لافتاً إلى أن «اللجنة ستسعى إلى ألا يزيد هامش الفوارق بين الدوائر عن 20 في المئة، تجنباً للوقوع في أزمة طعون جديدة». وأرجئ إلى اليوم عقد اجتماع لجنة تعديل القوانين المنظمة للعملية الانتخابية الذي كان مقرراً أمس لاستكمال مناقشة التعديلات المزمع إدخالها على قانوني تقسيم الدوائر وانتخابات مجلس النواب في ضوء الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا. ومن المقرر أن تستكمل اللجنة درس السيناريوات الثلاثة التي تعكف على وضعها في شأن تقسيم الدوائر الانتخابية للنظام الفردي، بهدف ضبط نسبة الفروق بين الدوائر الانتخابية والوصول بها إلى فارق أمثل، ومنها توسيع الدوائر من دون زيادة عدد الأعضاء، أو زيادة عدد أعضاء مجلس النواب. ومن شأن إرجاء التشريعيات إلى النصف الأخير من العام الحالي أن يضع تمرير الموازنة العامة للدولة في يد الحكومة والرئيس عبدالفتاح السيسي، ما يعني أن الحكومة الجديدة التي سيصوت عليها البرلمان الجديد ستعمل خلال العام المالي المقبل على موازنة لم تقرها، وهو ما دعا القيادي في تحالف «الوفد المصري» محمد أنور السادات إلى مطالبة الحكومة بعرض الموازنة الجديدة على حوار مجتمعي. وقال السادات الذي يترأس حزب «الإصلاح والتنمية»: «يجب على الرئيس والحكومة عرض الموازنة العامة للدولة على خبراء الاقتصاد والأحزاب، خصوصاً اللجان الاقتصادية والمالية لكل حزب. على أن يتم هذا العرض من خلال اجتماع موسع تتم الدعوة إليه ويتم سماع آراء الجميع واقتراحاتهم». وأشار السادات إلى أن «الموازنة العامة للدولة إلى الآن لا تزال في صورة موازنة بنود محاسبية لا ترتبط بهدف واضح ومعلن يمكن مساءلة الدولة في شأنه أو قياس مدى تحققه، وعليه يجب أن يتحول أسلوب وضع الموازنة إلى نظام برامج محددة الأهداف بما يتضمن معايير التقويم ومبررات الإنفاق من أجل تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة والمشاركة في صنع القرار». وأكد أن «الموازنة العامة للدولة لم تتم مناقشتها منذ 4 سنوات ونظراً إلى غياب البرلمان، فلا بد من أن تكون هناك بدائل أخرى يتم من خلالها عرض الموازنة وطرحها أمام الرأي العام إعمالاً بمبدأ الشفافية، خصوصاً في ظل دستور جديد فيه مواد تلزم الموازنة بتخصيص نسب معينة من الدخل العام لبعض القطاعات الخدمية وهو ما يجب أن نطمئن إليه، ونعرف سبل تقليل عجز الموازنة وما يتعلق بالموارد من المنح والمساعدات وكيفية استخدامها وتوظيفها، خصوصاً أن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات تشير إلى إهدار المال العام في بعض الهيئات والمصالح الحكومية».