عادت الخلافات بين أطراف المعادلة السياسية في مصر في شأن القوانين المنظمة للإنتخابات التشريعية المقررة العام المقبل، بعدما أعلن استبعاد لجنة أوكل إليها صوغ قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، طرحاً يقضي بتخصيص مقعد لكل دائرة. وكان مسؤول في اللجنة التي يرأسها وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي قال: «إن الاقتراح استبعد وندرس حالياً الاقتراح الأصلي الذي عملت عليه اللجنة في البداية ويعتمد على عدد دوائر أقل». وأشار إلى أن «اللجنة وجدت صعوبات شديدة» في تطبيق مبدأ مقعد لكل دائرة. ووفقاً لقانون تنظيم الانتخابات النيابية، تتوزع مقاعد البرلمان البالغة 540 مقعداً بين 420 مقعداً بالنظام الفردي، و120 بنظام القوائم النسبية. وأوضح المصدر أن «التقسيم إلى 420 دائرة انتخابية يعني أن ذلك يتطلب إعادة ترسيم الحدود بين الدوائر القائمة، وهو أمر صعب ويحتاج إلى دراسة ووقت قد لا يتوافر للجنة». وأضاف ان التصور الذي تدرسه اللجنة «قد يجعل عدد الدوائر بين 220 و250 دائرة، يخصص لبعضها مقعد واحد ولبعضها مقعدان أو ثلاثة، لضمان التمثيل المتكافئ والمتعادل للمحافظات والسكان والناخبين». وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي تعهد خلال لقاءات أجراها على هامش جولته الأوروبية الأسبوع الماضي إجراء التشريعيات قبل انطلاق المؤتمر الاقتصادي الذي يستضيفه منتجع شرم الشيخ في منتصف آذار (مارس) المقبل. ورفض عضو اللجنة صلاح فوزي الحديث عن تأخير في تمرير القانون، مشيراً إلى أن «العمل مستمر في اللجنة ليلاً ونهاراً، ونسعى إلى إتقان عملنا». وقال ل «الحياة» إن «اللجنة تضع في حسبانها نصوص الدستور التي تلزم بتمثيل عادل ومتكافئ للسكان، ونعمل على مراجعة كل المنظومة الدستورية والقانونية المتعلقة بالانتخابات. العملية ليست تقصيراً، انما محاولة لإتقان العمل وتلافي أي عوار دستوري». وأوضح أن «اللجنة تجري معادلات بين أعداد السكان في الجمهورية، وأعداد الناخبين، إضافة إلى عدد سكان المحافظات المختلفة، وهو ما يتطلب جهداً ووقتاً، ويفرض في أحيان كثيرة ظهور ملاحظات تعيدنا إلى إعادة التقسيم». ورفض تحديد موعد لخروج القانون، قائلاً: «أحياناً نكون قاربنا على الانتهاء، لكن بالمراجعة تظهر سلبيات تعيد الحسابات». وعن تأثير خطط إعادة ترسيم المحافظات على عمل اللجنة، قال: «لم ترد إلينا قرارات بترسيم جديد. نعمل على المحافظات الحالية، وسنقدم القانون إلى الحكومة. لا مشكلة في إجراء الانتخابات على التقسيم القديم، وبعدها ينظر البرلمان في ترسيم المحافظات الجديد». وكانت الحكومة أعلنت في أواخر آب (أغسطس) الماضي إنشاء ثلاث محافظات جديدة، هي العلمين والواحات ووسط سيناء، وإعادة ترسيم حدود عدد من المحافظات القائمة، ما يجعل العدد الإجمالي للمحافظات في مصر 30 محافظة بدل 27 محافظة حالياً، إلا أنه لم يصدر حتى الآن قرار جمهوري في شأن إعادة الترسيم. وانتقد رئيس حزب «الكرامة» المنخرط في تحالف «التيار الديموقراطي» محمد سامي قصر الدوائر الانتخابية على 220 دائرة بدل 420، معتبراً أن «هذا الاتجاه يصب في مصلحة جماعة الإخوان، إذ انه كلما اتسعت (مساحة) الدوائر الانتخابية كانت هناك فرصة أمام الإخوان ليصبح لهم عناصر داخل البرلمان المقبل. طالبنا في السابق بنظام 420 دائرة، وسنعقد اجتماعاً على مستوى قيادات الحزب لدراسة الموقف الجديد». لكن الأمين العام للحزب «المصري الديموقراطي الاجتماعي» المنخرط في تحالف «الوفد المصري» أحمد فوزي، أيد الطرح الذي تبنته اللجنة، معتبراً في تصريحات ل «الحياة» أنه «حديث عاقل، لأنه الطرح الذي كان يقضي بمقعد لكل دائرة، كان سيفتح الباب أمام عنف واسع، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها العصبيات والقبائل، إذ كان التنافس سينحصر على مقعد وحيد، كما أنه كان سيقصي أي إمكان لتحالفات وتنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية». ورأى أن اللجنة «أرادت إراحة أجهزة الأمن وتمرير التشريعيات بسلام». وبالمثل، أيد نائب رئيس حزب «المؤتمر» صلاح حسب الله الصيغة التي تتجه اللجنة إلى تبنيها. وقال ل «الحياة» إن «نظام المقعد الواحد قد يؤدي إلى صعوبة صدور القانون، لأنه كان سيتطلب إعادة توزيع الناخبين على تلك الدوائر. أرى أننا في أمس الحاجة إلى صدور القانون وإجراء التشريعيات، وبالتالي فلمراعاة الأولويات لا نرى مانعاً في تقسيم الدوائر وفقاً للمراكز بحيث يكون لكل دائرة مقعد أو اثنان وفي أحيان ثلاثة. الأولوية لإجراء الانتخابات». وتوقع تمرير قانون تقسيم الدوائر «قبل أواخر الشهر الجاري، حتى يفسح في المجال للجنة القضائية المشرفة على التشريعيات لترتيب أوراقها تمهيداً لفتح باب الترشح منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل».