لم يغادر الشاعر السعودي إبراهيم صعابي الشكلين الشعريين - العمودي والتفعيلة - منذ سبعة دواوين خلَت في رصيده الشعري، وحتى ديوانه الأخير «أخاديد السراب» الصادر عن نادي جازان الأدبي 1430ه، ولم يجد بُداً من الاعتراف المباشر بأن «النثر يشيخ إذا حضر الشعر وينسى الأشياء». وأكثر صعابي في ثنايا القصائد من استخدام المفردات القاموسية، وحرص على توظيف العديد من الآيات القرآنية واقتباسها في قصائده (البيان، تجليات قيس الأخيرة، أخاديد السراب)، وقدمها في قالب لغوي متناسق. فيقول في قصيدة أخاديد السراب: «يتجلى كصباح غاضب (يحسبه الظمآن ماء) ظل يلهو في الحنايا وسؤال قاتم النبرة (غيض الماء) أم باغتنا ماء المنايا؟»، ويُهدي صعابي إحدى قصائده لأستاذة نحو عرفها الشاعر، فيقول في قصيدة حملت العنوان ذاته: «إن كنت مغرمة بالنحو واسيه ما ضيّع النحو غير أهليه». وبدا هوى الشاعر واضحاً في بعض القصائد وأثر المحبوب في حياة الشاعر، فيقول في قصيدة «هي والبحر»: «حدّثي البحر عن هواي وقولي ذاب شوقاً بعفة وحنين زرقة البحر تحتويك ولكن ملء عينيك زرقة تحتويني». ويؤكد ذلك في نص فنجان قهوة «أرنو لمقهاك في شوق لقاتله تحيي موات الهوى بالمبسم العطري أدهى من القبلة الأولى وجذوتها فنجانك المر لا يبقي على أثر»، إلا أن صعابي يعود فيحذر من ماء الغدر، فيقول: «فمن صب ماء الغدر في كأس الفه تجرعه دهرا بأيدي التعسف». ولم ينس الشاعر رفاقه وأصدقاءه أثناء كتابته المجموعة، فأهدى لبعضهم نصوصاً تعبّر عن سرّ صداقته الأبدية ووفائه المتجدد للراحل عبدالله الجفري وعباس عقيل ومحمد بحيص، كما أهدى ديوانه «إلى كل المواسم التي تصحو صباحاً وأبي يرتل وحي السماء». الديوان الذي أُخرج في طبعة فاخرة ضم 23 قصيدة، وصممت غلافه ولوحاته الداخلية الفنانة التشكيلية شاليمار شربتلي.