قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس الأربعاء، إن جماعات تقاتل الحكومة السورية سيطرت على مدينة بصرى الشام التاريخية في جنوب سورية ضمن هجوم مضاد يقول المعارضون إنهم يشنونه لمنع دمشق من استعادة منطقة الحدود قرب إسرائيل والأردن. وتُعتبر سيطرة المعارضة على البلدة ضربة شديدة للنظام. وذكر مصدر بالجيش السوري إن معارك ضارية اندلعت مع جماعات مسلحة في بصرى الشام مساء الثلثاء، مضيفاً: «ندقق في المعطيات الميدانية». وقال تحالف لمجموعة من فصائل المعارضة المدعومة من خصوم الرئيس السوري بشار الأسد، إنه سيطر على بصرى الشام وأعلن بدء هجوم جديد ضد قوات الحكومة في منطقة أخرى بمحافظة درعا إلى الشمال الغربي. أما «المرصد السوري»، فأكد أن «الفصائل الإسلامية والمقاتلة سيطرت على بلدة بصرى الشام عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها استمرت لنحو أربعة أيام»، مشيراً إلى أنه «لا تزال تسمع أصوات اشتباكات في أطراف البلدة، حيث ارتفع إلى 21 بينهم قائد لواء إسلامي ونائب قائد فرقة مقاتلة وناشط إعلامي عدد مقاتلي الفصائل الإسلامية والمقاتلة الذين استشهدوا خلال أربعة أيام من الاشتباكات العنيفة بين الطرفين». وقال عصام الريس، الناطق باسم تحالف «الجبهة الجنوبية»، إن 85 في المئة من المقاتلين الذين شاركوا في الهجوم هم من المعارضة المنتمية إلى التيار الرئيسي، والمتبقين هم من الفصائل الإسلامية. وأضاف أن «جبهة النصرة» -جناح تنظيم «القاعدة» في سورية- لم تشارك، مضيفاً أن التحالف حرر المدينة بأكملها حتى القلعة القديمة والمدينة القديمة. وتابع أن الجبهة الجنوبية شنت الهجوم لأن الجيش السوري قام بتعبئة فصائل موالية للحكومة في بصرى من أجل مرحلة جديدة من هجومه في الجنوب. وقال إن استراتيجية الجبهة الجنوبية ليست الاحتفاظ بأراض ولكن شن هجوم في مناطق لم يكن النظام يتوقع هجمات عليها. وأضاف أنهم تمكنوا من وقف تقدم النظام وبدأوا هجوماً لتحرير مناطق أخرى. وكان هجوم شنته حكومة دمشق مع حلفائها من ميليشيات شيعية لبنانية وإيرانية في أوائل شباط (فبراير)، حقق مكاسب مبكرة في منطقة التقاء محافظاتدمشق والقنيطرة ودرعا، إلا أن التقدم على الأرض تباطأ بعد ذلك. وقالت قوات المعارضة المنتمية للتيار الرئيسي إنها تلقت مزيداً من الدعم العسكري من خصوم الأسد منذ أن بدأ الجيش السوري والفصائل المتحالفة معه وبينها حزب الله اللبناني هجومهم. وأوضحت «الهيئة السورية للإعلام» (معارضة) أن «الجيش الحر تمكن من التقدم في مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي والسيطرة على عدد من الحواجز وقتل عدد كبير من قوات النظام وعلى رأسهم قائد عمليات اللواء 313 في المدينة بعد هجوم مباغت نفذه الثوار على مبنى تتحصن فيه قوات النظام». ولفتت الهيئة إلى أن «الجيش الحر أطلق معركة «قادسية بصرى الشام» لتحرير المدينة ووقف التحشيد للاحتلال الإيراني»، في إشارة إلى الأنباء عن مشاركة عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني و «حزب الله» اللبناني في القتال إلى جانب النظام في مناطق جنوب سورية. وقالت الهيئة في شرحها ل «الأهمية الاستراتيجية لبصرى الشام»، إن هذه البلدة «من المدن التاريخية ذات الأهمية، حيث كانت عاصمة دينية ومركزاً تجارياً مهماً وممراً على طريق الحرير الذي يمتد إلى الصين، كما كانت منارة للحضارة في عدة عصور تعود لآلاف السنين، إضافة إلى موقعها الجغرافي الذي يتيح للميليشيات ولقوات الأسد التحرك والوصول إلى محافظة السويداء بسرعة والتنقل في ريف درعا الجنوبي الشرقي القريب من الحدود الأردنية». وتصنّف منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) مدينة بصرى الشام ضمن مواقع التراث العالمي. ومن بين الأماكن التاريخية في بصرى قلعة أثرية أقيمت حول مسرح روماني يعود للقرن الثاني. وشددت «الهيئة السورية للإعلام» على أن للسيطرة على بصرى الشام «أهمية معنوية، كونها تضم أكبر معاقل النظام وتجمعات للحرس الثوري الإيراني وعناصر حزب الله»، ولذلك فإن الاستيلاء عليها «يُعتبر ضربة قاسمة للنظام ولحلفائه»، كما أنه «يفك الحصار الذي يعاني منه الجزء الغربي والشرقي من المدينة، بالإضافة إلى كون المدينة آخرَ تواجد للميليشيات وللنظام بين محافظتي السويداء ودرعا، ما يسهّل وصول الثوار إلى الطريق العسكري القديم الذي يصل بين السويداء ومعبر نصيب على امتداد الحدود الأردنية، وهذا يؤدي إلى قطع طرق إمداد النظام من محافظة السويداء». وأشارت إلى أن «النظام يسعى إلى إحداث فتنة طائفية بين محافظتي درعا والسويداء، من خلال زج شباب السويداء في ما يسمى اللجان الشعبية لتخفيف الضغط العسكري عنه»، لافتة إلى أن «أهالي حوران أصدروا بياناً أكدوا فيه المحاولات الدؤوبة من قبل النظام لبث الفتن بين المكوّن السني السوري وبقية الأقليات للقضاء على الثورة التي انتهجت مبدأ أساسياً منذ انطلاقتها، وهو: ثورة لكل السوريين». وأضافت: «لقي بيان أهالي حوران ارتياحاً وقبولاً من العديد من أبناء محافظة السويداء، ما دفعهم إلى إصدار بيان تحت مسمى «بيان من أبناء وبنات السويداء الى أحرار سهل حوران الكرامة ووطنييه»، والذي أوضح «طبيعة العلاقات التاريخية بين أبناء حوران سهلاً وجبلاً واستحالة زرع الفتنة من قبل النظام وأعوانه».