سجل رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان موقفاً غير مسبوق في مطالبة إسرائيل بالاسم بتفكيك منشآتها النووية العسكرية وانضمامها الى معاهدة حظر الانتشار النووي وإخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية في وقت حض إيران على مواصلة التعاون مع المجتمع الدولي لتبديد المخاوف والشكوك حول طبيعة برنامجها النووي، داعياً الأطراف المعنية الى التوصل الى اتفاق سلمي في شأن هذا الملف يكفل الأمن والاستقرار لدول المنطقة. وجاء موقف الشيخ خليفة بن زايد من الملفين النوويين في إسرائيل وإيران في كلمة وجهها أمس لمناسبة احتفال الإمارات باليوم الوطني الثامن والثلاثين، الذي يصادف اليوم الأربعاء، مؤكداً دعم الإمارات المعلن لمعاهدة خطر الانتشار النووي ورفضها المبدئي لوجود أسلحة دمار شامل في منطقة الشرق الأوسط. وأكد الشيخ خليفة سلمية البرنامج النووي الإماراتي وقال: «إن اهتمامنا بالطاقة المتجددة لا ينفصل عن مشروعنا لتطوير برنامج سلمي للطاقة النووية يلبي احتياجاتنا المستقبلية المتنامية من الطاقة بتطوير نموذج يرتكز على أعلى معايير الشفافية والسلامة والأمن النووي والقوانين الدولية كل ذلك في تعاون كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول ذات الخبرة». وثمن الاصطفاف الخليجي والعربي والإسلامي وراء «الحق المشروع» لدولة الإمارات العربية المتحدة في جزرها الثلاث المحتلة «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى». وجدد دعوته إيران الى تسوية عبر مفاوضات ثنائية مباشرة أو بتحكيم دولي يُعزز فرص الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم بلاده حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه ودولته ومساندة المبادرات الهادفة لترسيخ الأمن والاستقرار في كل من العراق ولبنان والسودان واليمن والصومال وأفغانستان وغيرها ودعم الجهود المبذولة لتحقيق أمن الخليج العربي ودفع محادثات سلام الشرق الأوسط وتحقيق الأمن الغذائي العربي، مؤكداً «أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا ومعاناة الفلسطينيين هي معاناتنا». ودعا الشيخ خليفة بن زايد الفصائل الفلسطينية إلى تجاوز الخلافات وتوحيد الصفوف تحقيقاً لآمال شعبهم في الأمن والاستقرار والعيش الكريم كما دعا إلى تحرك جدي مسؤول لحماية المسجد الأقصى ومدينة القدس من المشروع الاستيطاني الشرس الذي يسعى الى تهويد المدينة المقدسة وطمس معالمها وتغييب هويتها. وطالب الشيخ خليفة الولاياتالمتحدة واللجنة الرباعية الدولية والمجتمع الدولي بممارسة أقصى الضغوط لإجبار إسرائيل على الامتثال لقرارات الشرعية الدولية بتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة وتنفيذ استحقاقات خطة خريطة الطريق بالوقف التام للنشاطات الاستيطانية ووقف الاجتياحات ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كمقدمة لبدء مفاوضات سلام جدية تفضي إلى إنهاء الاحتلال عن الأراضي المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره في دولة مستقلة عاصمتها القدسالشرقية. وأوضح أن دولة الإمارات تسعى إلى توثيق أواصر التعاون بالدول الخليجية والعربية والإسلامية والتكتلات الاقتصادية وقال: «إن دولة الإمارات تؤمن بضرورة وأهمية مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجدواه السياسية والأمنية والاقتصادية وأنها ستعمل على أداء دورها في دفع مسيرته وتفعيل منظومته والتزام قراراته». وأضاف: «نود أن نطمئن الجميع أن بلادنا اليوم أقوى وأحسن حالاً وأن اقتصادنا بخير ومجتمعنا في خير ومسيرتنا إلى خير وأن الأزمة المالية العالمية، على قسوتها، لن تكون سبباً يدعونا الى التردد أو التراجع ولا مبرراً يدفعنا إلى اليأسِ أو التراخي فنحن على ثقة بقدرة شعبنا ومصادر قوتنا وسنستمر بثبات وإصرار في تنفيذ ما تبنينا من استراتيجيات وما رسمنا من خطط وما بدأنا من مشاريع ماضين بثقة وتفاؤل في توظيف كامل القدرة الوطنية تأسيساً لفرد فاعل وأسرة متماسكة ومجتمع مكين واقتصاد متين». وأكد أن الإمارات تمكنت بفضل متانة اقتصادها الوطني وسلامة سياساتها من تجاوز المرحلة الأصعب من الأزمة وقد أخذت مؤشرات الحركة الاقتصادية لمعظم القطاعات في النمو صعوداً تدريجياً بداية من الربع الأخير للعام الحالي. وقال: «سنعمل لإطلاق مبادرات ومشاريع تتشارك فيها جميع مؤسسات المجتمع فالمسؤولية أكبر من أن تلقى على عاتق الدولة وحدها». وأضاف: «إننا ماضون في تنمية قدراتنا وتحديث مؤسساتنا وإعادة هيكلة الممارسات بما يحقق طموحاتنا بالعيش في مجتمع يسوده العدل والقانون... دولة تكرس قيم النزاهة والمساءلة والشفافية تكفل الحقوق وتحترم الحريات وتدعم التفكير والتحليل والإبداع وتشجع ممارسة الحوار وإبداء الرأي والمشاركة في اتخاذ القرار وفق ممارسات تكرس قيم الولاء والانتماء للوطن وتحفظ للدولة هيبتها وسيادتَها وللمواطن أمنه وسلامته وبهذا يكون التمكين». وأعطى الشيخ خليفة بن زايد في كلمته جرعات إضافية لمزيد من التحسن في الاقتصاد الإماراتي بالبناء على الإنجازات التي حققها خلال توليه رئاسة دولة الإمارات في السنوات الخمس الماضية وبعدما تم التجديد لرئاسته خمس سنوات أخرى بدأت في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وأكد إيمانه بأن إطلاق الاستراتيجيات وتطوير التشريعات وإنشاء المصانع وتعبيد الطرقات وتأسيس الجامعات يهدف الى بناء القدرة الوطنية وإطلاق الطاقة البشرية من أبناء الوطن وتوجيهها نحو أفاق التميز والإبداع. وقال: «أثبتت الأيام سلامة النهج الذي اتبعناه في العقود الماضية، وسنظل عليه منتهجين سياسة خارجية متوازنة آخذة بالانفتاح طريقاً وبالصداقة مبدأ وبمصالح الدولة هدفاً سياسة خارجية غايتها تأكيد سيادة الدولة وصيانة كيانها وحماية أمنها متخذين من الجيران أصدقاء وشركاء ساعين إلى توثيق أواصر التعاون بالدول الخليجية والعربية والإسلامية والتكتلات الاقتصادية مؤكدين إيماننا المطلق بضرورة وأهمية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجدواه السياسية والأمنية والاقتصادية وسنعمل جاهدين على أداء دورنا في دفع مسيرته وتفعيل منظومته والتزام قراراته ونتطلع للمشاركة في القمة الخليجية التي تستضيفها الكويت هذا الشهر». ووجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي كلمة للمناسبة أكد فيها أن «اقتصاد الإمارات اليوم من بين أكثر اقتصادات دول العالم قوة واستقراراً بتنوعه وإمكاناته الكبيرة واعتماده التخطيط الاستراتيجي واستيعابه لغة وأدوات عصر المعرفة ما وفر له القدرة على التفاعل الإيجابي مع دورات الصعود والهبوط في الاقتصاد العالمي ووفر له الكفاءة في تجاوز الأزمات واغتنام الفرص». وقال: «وفي وقت تواجه فيه دبي حملة عالمية للنيل من سمعتها الاقتصادية إننا مصممون على تحقيق النهضة الكبرى في المجالات كافة لنصل بالتعليم إلى أرقى المستويات وبالبنى التحتية ومرافق الخدمات إلى المراتب العالمية الأولى وبالأداء الحكومي المتميز إلى أفضل الممارسات المعروفة على مستوى العالم». وأضاف: «فيما يتواصل التمكين السياسي بتوسيع صلاحيات المجلس الوطني الاتحادي تعزيزاً لدوره في العمل الوطني وتأكيداً لنهج الشورى في الحكم يتواصل التمكين الاقتصادي من خلال تطوير التشريعات وتحسين بيئة الأعمال ورفع مستويات الجودة والتنافسية وزيادة التركيز على القطاعات الإنتاجية والخدمية الأساسية». ولفت الى أن الإمارات تقوم بدور فعال في إنجاح خطط الدولة لتحقيق التوازن في التركيبة السكانية تحقيقاً للتوازن المنشود في بيئة تشع بقيم الثقافة التي تنمي الذات الوطنية وتعلي من شأن العمل وتقدس احترام الوقت والجودة والإتقان وتحض على الإبداع والابتكار. وأضاف: «نستقبل غداً سنة اتحادية جديدة ونحن أكثر التفافاً حول قيادتنا وأكثر يقيناً برؤيتها ونهجها وأكثر وحدة وتكاملاً واعتزازاً باتحادنا وأكثر فخراً بدولتنا وأكثر ثقة بأنفسنا وأكثر خبرة بعالمنا وأكثر قدرة على مواجهة التحديات وقهر الصعوبات وأشد إيماناً بأنه لا يوجد هدف بعيد لا يمكن الوصول إليه ولا توجد مرتبة سامية لا يمكن الارتقاء إليها، سيظل الطموح حليف خططنا وستظل الأهداف الكبيرة غايتنا وستظل رفعة الوطن وسعادة المواطن البوصلة التي ترشدنا وتوجه عملنا ولن نرتاح حتى يرتاح شعبنا ونوفر له كل متطلبات الحياة الكريمة التي يستحقها. وأكد الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في كلمة بمناسبة اليوم الوطني أن دولة الإمارات و «هي تتابع عن كثب مستجدات الأحداث في المنطقة والعالم تحرص على توفير الإمكانات والطاقات كافة التي تكفل استمرار القوات المسلحة في أداء واجباتها الوطنية في توفير الأمن والأمان لوطننا والاحتفاظ بدورها الفاعل في معادلة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط وفي خدمة قضايا التنمية والسلام العالمي». وقال : إن ما تنعم به بلادنا من أمن واستقرار ورخاء وازدهار كان ثمرة طبيعية لنشر مظلة أمنية متقدمة وواعية وتأخذ بأحدث ما في العصر من أسلحة وأجهزة وعلوم وتقنيات إلى جانب توافر سبل العيش الكريم والكسب الشريف للمواطنين والمقيمين على حد سواء، في أجواء من الاحترام لكل من يعيش على أرضنا الطيبة. وأكد أن الإمارات حرصت على مجاراة العصر، وقامت بتنفيذ عدد من المشاريع لاقتصادية العملاقة وبما يدعم التوجه الاستراتيجي الرامي إلى احتفاظ دولة لإمارات بدورها الإقليمي والعالمي بعدما أصبحت مركزاً إقليمياً وعالمياً هاماً لتجارة المال والأعمال والنقد والسياحة والاستثمار وإعادة التصدير والمؤتمرات الدولية والمعارض المتخصصة. وقال: «إننا في دولة الأمارات نعمل في آن واحد لحاضر الوطن ومستقبل أجياله ويأتي في مقدمة ذلك الصناديق الاستثمارية التي تستثمر في الخارج وفق أسس اقتصادية وليس لاعتبارات سياسية، ودون المساس بثوابتنا الوطنية، ونحن نعمل في الغالب على أساس الاستثمار طويل الأجل لإيماننا الراسخ بأن استثماراتنا هي جزء من التزامنا تجاه أجيالنا القادمة التي قد لا تتوافر لها الإمكانات المتاحة للجيل الحالي، خصوصاً أن النفط الذي يشكل نسبة عالية من مصادرنا المالية هو بطبيعته سلعة ناضبة». وأضاف: «أن تعميق مفهوم الهوية الوطنية الواحدة في ظل دولة الاتحاد شكل نقطة جوهرية نعمل على تحقيقها من خلال ترسيخ مبدأ الحوار الوطني، وإشاعة مناخ ديموقراطي سليم يسمح بتقابل وجهات النظر وإتاحة الفرصة كاملة أمام المجلس الوطني الاتحادي لطرح ومناقشة كافة القضايا التي تشغل الرأي العام بروح الشفافية والمصداقية والموضوعية». وأكد أن دولة الإمارات تضع مسألة الأمن الغذائي والمياه وحماية البيئة على جدول أولوياتها، إدراكاً منها لخطورة هذه القضايا وتأثيراتها السلبية المستقبلية على الاستقرار والأمن في المنطقة.