انتظر الفنان التشكيلي نبيل لحود 20 سنة، ليحقق حلمه في تأسيس فرقة موسيقية، لأن الرسم لم يشف غليله! عندما لاحظ أن ابنته ماريز تتمتع بموهبة موسيقية وذوق فني رفيع، سارع الى تسجيلها في معهد الموسيقى العربية لتتمكن من أصول الغناء وتتعلم العزف على آلة العود. كانت الفتاة الشابة نواة فرقة «بساطة» التي أسسها والدها ومن ثم انضم اليها إيهاب عبدالواحد، الذي أصبح ملحن الفرقة ومشاركاً في الغناء وعزف الغيتار، وإيهاب سمير (شيللو) وأمير سمير (كمان وموزع) ورائد سيكا (إيقاعات) ومايكل فؤاد (قانون)، اضافة الى نبيل لحود الملحن والمغني وعازف العود، بمساندة مجموعة من الشعراء منهم هشام الجخ وإسلام حامد وسامي الرفاعي. كان العمل على استعادة الهوية المصرية في الموسيقى والغناء، هدفاً يؤمن به الجميع ما جعلهم يرفعون شعار «مزيكا وغنا من هنا». يقول لحود: «نغني للإنسان المصري، نضحك مع الناس، ربما من همومهم، نسخر من مفارقات حياتهم اليومية الصعبة، نؤنبهم أحياناً ونمسح عن جبينهم الشقاء والاغتراب، لا نريد أن نترك هذا البلد ولا نريد ذلك لأي شاب». «خليك كسلان، قوم من النوم، نام، وأوعى تفكر يتعدل الحال، وعلى قولك أنت هاتعمل إيه، واللي هاتعمله هايغير إيه» مقطع من أغنية يدلل فيها لحود على نوعية أغاني الفرقة موضحاً أن «الكلمة العالمية المصرية والألحان العصرية التي تحمل طابعنا وثقافتنا بعيداً من التقليد الأعمى للموسيقى الغربية، هو ما نسعى إليه ونفتش عنه، وخلال عمر «بساطة» الذي لا يتعدى السنتين قابلنا شعراء أضافوا الى تجربتنا علماً أننا لا ننزلق في فخ المباشرة والتلقين». ويضيف: «لدينا رسالة نريدها أن تصل من أقصر الطرق، «بساطة» لا تحرض على ثورة وفي الوقت ذاته لا نخدر مشاعر الناس». تغني الفرقة على مقامات الكرد والنهاوند وعلى إيقاعات المقسوم وهي الرائجة في أغاني الشباب ولكن بصنعة فنان الأرابيسك، متضمنة ملامح من مقامات شرقية كالبياتي والحجاز وحتى الصبا وعادة ما تقوم ماريز بإضفاء الطعم الطربي بصوتها القوي، خصوصاً أنها غنت مع فرقة الموسيقى العربية، في دار الأوبرا، كما تربى وجدانها على سماع تجويد القرآن الكريم بأصوات مشايخ مصر. ويأتي دور التوزيع ليضع الشكل الذي يبلور كل المجهود ويقوم به عازف الكمان أمير سمير قائلاً: «مهمتي أن يصل فكر «بساطة» إلى الجمهور بشكل حديث وحيوي وإيقاع سريع يناسب جمهورنا من الشباب». ويرى ملحن الفرقة إيهاب عبدالوهاب أن سيد درويش والشيخ إمام ومحمد عبدالوهاب يشكلون المرجعية الموسيقية للفرقة التي تستلهم من تفكيرهم التغيير والابتكار، كما تستفيد «بساطة» من كل التجارب الموسيقية التي تصب في إطار مشروعها مثل تجربة أحمد منيب الموسيقية. الناس ملت من الغناء السقيم السائد في الفضائيات حتى الحب تحول إلى شتائم وردح. ويضيف: «نحن في «بساطة» نحلم بالتغيير ونتوقع في ظل عودة ثقافة الفرق أن تظهر رؤى موسيقية وغنائية تروي عطش الشباب المتطلع إلى شكل موسيقي مختلف، قريب منهم ويتفاعل معهم». «فرحان.. لما باشوف أطفال بتتشاقى لما أشوف أحباب تتلاقى لما الحب يفضي خناقة لما بأشوف البنت بتخجل لما باشوف الواد يسترجل»، كلمات تحمل في طياتها أفكار جيل يحلم بالحب والسلام والتطور والمحبة. قامت «بساطة» بجولة في مدن الصعيد لاقت تجاوباً من الجمهور المحروم من الحفلات هناك، كما شاركت للمرة الأولى في مهرجان عالمي في أسبانيا في نيسان (أبريل) الماضي الى جانب 32 فرقة من دول مختلفة ودخلت في ورشة لتبادل الخبرات مع فرق من روسيا وبلغاريا والسنغال.