قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس إن الرئيس السوري «بشار الأسد هو المسؤول الأول عن مأساة شعبه ولا يمثّل محاوراً يتمتع بصدقية لمكافحة (تنظيم) داعش والإعداد لمستقبل سورية». وجاء موقفه خلال لقاء مع خالد خوجة رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض الذي ركّز أيضاً على ضرورة رحيل الأسد للوصول إلى حل للأزمة الدائرة في سوية. وأكد الرئيس الفرنسي في بيان وزعته الرئاسة ضرورة العمل دون توقف من أجل إعادة إطلاق مسار جنيف من أجل «انتقال سياسي» في سورية، قائلاً إن ذلك هو الحل الوحيد لجمع الشعب السوري والاستجابة لتطلعاته الشرعية وإزالة المجموعات الإرهابية وإعادة السلم المدني. وأكد هولاند لخوجة أيضاً الدعم الفرنسي السياسي والعملي للقوى الديموقراطية المعارضة والتي هي في «طليعة المواجهة مع داعش». وهنأ هولاند «الائتلاف» على مبادرته للحوار مع بقية مكونات المعارضة الديموقراطية، وشجع على «الاستمرار في هذا النهج». وعلمت «الحياة» من مصدر فرنسي مطلع على المحادثات أن هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس انتقدا بلهجة شديدة النواب الفرنسيين الأربعة الذين زاروا دمشق والتقوا الأسد. وأعرب الجانب الفرنسي عن إعجابه بخوجة ومواقفه وهو تحدث من جانبه عن زيارته لعدد كبير من الدول العربية. وضم الوفد السوري الذي التقى هولاند كلاً من السفير السوري (سفير المعارضة) منذر ماخوس وبرهان غليون وسليم إدريس وميشيل كيلو وصلاح درويش عن المجلس الكردي وأحمد طعمة. وفي إطار مرتبط، كشف مصدر فرنسي مطلع على محادثات فابيوس مع المبعوث الأممي لدمشق ستيفان دي ميستورا أن الأخير اعترف أن مبادرته الخاصة بحلب (تجميد القتال) فشلت وأنها لن تسير، كما شدد على أنه ينبغي الآن ممارسة المزيد من الضغط على الأسد لمحاولة العودة إلى مسار جنيف. وتابع المصدر الفرنسي أن الموفد الدولي «فهم» أن النظام غير جدي معه، فوزير الخارجية السوري وليد المعلم يفاوضه منذ أسابيع حول الأحياء التي تشملها خطته في حلب. وتابع المصدر أن فابيوس قال لدي ميستورا إنه لا يجب تضييع الوقت على تجميد الوضع في حلب بل يجب أن يركّز على العمل على إعادة إطلاق مسار جنيف. خوجة: رحيل الأسد وكان خالد خوجة قال لوكالة فرانس برس إن المعارضة السورية في الخارج تريد استعادة الشرعية والانفتاح على المجموعات في الداخل وإعادة إطلاق عملية تفاوض بهدف التوصل إلى حل للنزاع في سورية. وقال خوجة في المقابلة: «علينا أن نطبق استراتيجية جديدة ونطلق حواراً مع كل مجموعات المعارضة والشخصيات الراغبة في بناء سورية جديدة تقوم على الحرية والقانون واحترام كل الطوائف». وتابع أن «هدفنا الأخير هو التخلص من (الرئيس) بشار الأسد، لكن هذا ليس شرطاً مسبقاً لبدء عملية التفاوض. في المقابل، من الضروري أن تؤدي هذه العملية إلى نظام جديد وسوريا جديدة حرة». وردد «يجب أن نتخلص من بشار»، مضيفاً «لكننا مستعدون للتفاوض مع بقية النظام والحفاظ على استمرارية الدولة وحماية المؤسسات والجيش والوزارات. حين نتكلم عن إطاحة النظام، لا نتكلم عن إطاحة الدولة». وأكد مجدداً أن أي مفاوضات يجب أن تقوم على مبادئ جنيف، الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2012 برعاية الأسرة الدولية وبقي حبراً على ورق والذي ينص على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. والتقى خوجة الأربعاء في باريس الموفد الخاص للأمم المتحدة لسورية ستيفان دي ميستورا وقال إن المسؤول الدولي «يحاول تحقيق شيء، مهمته ليست سهلة. لكن ما يريده السوريون هو وقف حمام الدم، وقف المجازر». كما انتقد التقاعس الدولي في مواجهة المأساة السورية. وقال «أبلغنا حلفاءنا الغربيين منذ نهاية 2011» بتصاعد المخاطر الجهادية التي يشجعها على حد قوله نظام دمشق. وأضاف «اكتفى حلفاؤنا للأسف بالوقوف وقفة المتفرج وها نحن اليوم أمام (تنظيم) الدولة الإسلامية، أفظع منظمة إرهابية في التاريخ». وقال «لم يدعمونا أمام ظهور هذا الوحش. ولدينا الآن قوات الأسد التي تقصفنا بالبراميل المتفجرة من الجو وجهاديو تنظيم الدولة الإسلامية الذين يقتلوننا على الأرض». إيران تطالب فرنسا ب «الواقعية» إلى ذلك (أ ف ب)، صرح السفير الايراني في فرنسا علي آهني إلى إذاعة «أوروبا-1» الخميس بأن إيران حليفة النظام السوري، تنتظر «أن يكون موقف فرنسا أكثر واقعية وأن يستند إلى معطيات حقيقية، وهو ما ليست عليه الحال الآن». وأكد أن الرئيس بشار الأسد «لا يزال يتمتع بشعبية» في صفوف السوريين. وأضاف أن موقف فرنسا واجه «انتقادات حتى من شخصيات مختلفة» في فرنسا. وقال السفير الإيراني: «يجب أن نكون أكثر واقعية إزاء الواقع في سورية. يجب التفكير بالشعب السوري، يجب أن لا نفتت هذا البلد، يجب أن لا نقسم هذا البلد».