تتألف الفرقة السمفونية العراقية من شبان وكهول أي من خبرة وحيوية، فتاريخها يرجع الى عام 1948 حينما تشكلت هيئة باسم «جمعية بغداد الفلهارمونيك» والتي ساعد في قيامها نخبة من الأساتذة منهم حنا بطرس (أستاذ ومايسترو عراقي متخصص في الموسيقى الهوائية) وساندو البو (أستاذ وعازف كمان روماني) وجميل سعيد (أستاذ وعازف كمان فرنسي) وأندريه تورير (أستاذ وعازف جلو فرنسي) ومن ثم تحولت الجمعية الى الفرقة السمفونية الوطنية العراقية في وزارة الإرشاد عام 1959 بقيادة زكفريد شتولته (قائد فرقة متخصص من المانيا). وما لبثت الفرقة أن باشرت عملها وراحت تنظم حفلات هنا وهناك، الى ان توفقت فجأة عن العمل ما اضطر وزارة الإرشاد الى استدعاء قائد جديد لها من المانيا هو هانز كونتر مومر الذي عمل فيها لغاية 1966 وتوقفت مجدداً عن العمل لغاية 1971 فعمدت وزارة الثقافة والإعلام الى إعادة تشكيلها وهيكلتها لتصمد حتى وقتنا هذا. قدمت الفرقة حفلات ناجحة خارج العراق في كل من الأردن ولبنان والاتحاد السوفياتي السابق ودول اخرى . واستطاعت الاستمرار في عملها الموسيقي معتمدة على طاقمها من عازفين وقادة وعازفين منفردين على مختلف الآلات الموسيقية ، اذ بلغ عدد العازفين فيها 89 عازفاً لمختلف الآلات الموسيقية، قادهم عدد من الاساتذة والعازفين الماهرين منهم محمد امين عزت وعثمان صدقي وهي اليوم بقيادة كريم وصفي ابن الفنان كنعان وصفي. اذا فكر أحد بلقاء قائد الفرقة فعليه ان ينزل الى نفق تحت الارض يؤدي الى قاعة صغيرة بعض زواياها مظلمة وتحمل نسيج عناكب على معظم جدرانها وفيها مكتب يجلس خلفه وصفي الذي ترعرع وسط عائلة فنية كانت تشجعه دائماً على تعلم الموسيقى بعد أن كانت هوايتة العزف على «الجلو» دخل الفرقة السمفونية العراقية كأصغر عازف فيها ثم سافر الى الخارج لاستكمال دراسته بين الولاياتالمتحدة وأوروبا وهو من عمل على إعادة الفرقة الى مسرح معهد الفنون الجميلة . والطريف في الأمر وجود عازفين في اختصاصات بعيدة عن الفن والموسيقى لكن ميولهم الفنية وحبهم للموسيقى دفعهم الى العمل كعازفين، ومن بين العازفين ايضاً سعد الدجيلي والذي يحمل شهادة الدكتوراه في الأجنة السريرية وهو اختصاص نادر وصعب جداً في الدراسات الطبية، لكنه فضل العمل كعازف في الفرقة على العمل في اختصاصه العلمي. الدجيلي كان من بين المواهب التي قدمت عرضاً منفرداً مع الفرقة حيث تتلمذ على يد استاذه فؤاد الماشطة العازف الكبير. وهناك أيضاً دعاء ماجد طالبة الموسيقى والبالية الموهوبة منذ صغرها اذ كانت تحضر مع والدها العازف ماجد العزاوي غالبية حفلاته، وهي اليوم أصغر عازفة في الفرقة. ويرى علي سهيل عبدالرزاق عازف البيانو أن « الفرقة السمفونية تسير على الخط الذي رسمه مؤسسوها لبقائها وخلودها مع مرور الوقت، ويعمل قائد الفرقة ومعاونيه على إعادة العازفين الذين هاجروا خارج العراق بعدما تعرضوا الى تهديد وخطف جراء النزاعات الطائفية». الغريب أنك لو حضرت عرضاً لفرقة سمفونية في أي دولة ترى الكل جالساً ويحرك مرة قدمه ومرة رأسه لكن لو حضرت تدريباً أو عرضاً للفرقة السمفونية العراقية سيحيط بك رجال طوال القامة يرتدون بزات أنيقة ويحملون الأسلحة تحت سترهم وهم ينادون بين حين وآخر بعضهم بعضاً بأجهزتهم اللاسلكية.