قليلون من لا يتذكرون الوعكة الصحية المفاجئة التي تعرض لها إمام الحرم المكي الشيخ صالح آل طالب أثناء خطبة الجمعة، وكيف تحمل ما أصابه من أجل إتمام الخطبة. مثل هذه المواقف ربما يتعرض لها خطباء الجمع أو أئمة المساجد من حين إلى آخر، لكن هل هناك بديل لمعالجة الموقف في حال حدوث أي طارئ؟ يصف الباحث في الشؤون الإسلامية الدكتور نجيب اليماني الوعكة الصحية التي أصابت آل طالب وقيامه بتحمل عناء إتمام الخطبة ب«الحالة الاستثنائية»، ويقول: «الشيخ آل طالب تعرض لعارض صحي، ولكن ربما لحساسية الموقف ولعظمة المكان وخطورة إمام المسجد الحرام اجتهد الشيخ ولم يترك بديلاً عنه يتسلم الصلاة، وهذه تعد حالاً استثنائية في مكان فريد». وبخصوص القرار الذي ينبغي اتخاذه في حال تعرض خطيب الجمعة لوعكة صحية، يقول: «تجاوز الموقف لا يتم إلا بأن ينوب أحد المصلين الحاضرين للخطبة عن الإمام في هذا الموقف، تماماً كما هي الحال في الصلاة المفروضة، والإمام جعل ليؤتم به، وليس من الصحيح بحال من الأحوال أن تبقى الجماعة بلا إمام في حال توعك الخطيب أو نزول خطب طارئ به». ويؤكد اليماني أن الفقهاء «أجمعوا على أن الصف الأول لا يقف فيه إلا ذوو الأهلية، احتياطاً وتحسباً للمواقف والطوارئ التي قد يتعرض لها الإمام أو المؤذن». ويوضح أن الواجب على المصلين في الصفوف الأولى أن يقدموا أحدهم، ليكمل الخطبة ويعجّلها ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم ويقيم الصلاة، ويبحثوا بعد ذلك عن حل للطارئ، «لأن صلاة الجمعة عبادة وفرض من رب العالمين، ويجب ألا يقطعها شيء». ويضيف: «كانت العوارض والطوارئ تحدث للصحابة فلا يقطع ذلك صلاتهم، ولا تلغى جماعة المسجد ولا اجتماع المسلمين للعبادة لأجل أي ظرف ما دام في المسجد من يستطيع أن يكمل الخطبة بالصورة المذكورة». ويوضح بعض الأحوال التي يجوز فيها للمأمومين أن يتصرفوا حيال الأئمة بحزم، قائلاً: «أما المواقف التي يجوز للمأمومين التدخل فيها فهي في حال خروج الإمام من الخطبة العامة للمسلمين، فيما لا يحق له الدخول فيه، وفيما لا صلة له بشأن العبادة، وعندئذ يحق للمصلين أن يتدخلوا وينبهوه ويرشدوه، لأن هذا من قول الحق في وقته، والخطبة نصيحة وموعظة ولا تدخل في الأمور الخاصة، ولا السياسية، ومن حق المصلين أن يقاطعوا من يحاول استغلال المنبر للشتم أو الحديث في السياسة أو الطعن في أئمة المسلمين، فهذه الأمور كلها يكون من حق المصلين فيها أن يقاطعوا ويرشدوا الخطيب المخطئ فيها إلى الصواب، لكن ولله الحمد أن هذه حالات إنما نطرحها من باب الافتراضية، وهي نادرة الحدوث».