لا تستهوي البيئة ومشكلاتها الشباب العراقيون كثيراً، فالتقارير العلمية التي يشاهدونها على شاشات التلفاز والندوات التي تقيمها وزارة البيئة العراقية للشباب في الوزارات العراقية لا تخرج عن كونها أحاديث علمية تنتهي في المكان الذي تبدأ فيه. إذ من الصعب أن يتأقلم الشباب الذين اعتادوا على الإهمال البيئي طوال حياتهم على قضية الاهتمام بالبيئة ومؤثراتها وانعكاساتها على المجتمع حاضراً ومستقبلاً. وعلى رغم أن التغير المناخي الذي تتعرض له جميع دول العالم انعكس في شكل ملحوظ على بيئة العراق، وأبرز مشكلات عصرية لم تكن محسوسة من قبل مثل الجفاف والتصحر وتزايد نسبة الإصابة بالسرطانات وغيرها من الأمور، إلا أن دور الشباب العراقي في دعم البيئة لا يزال في طور الولادة ولا يرتقي الى المستوى المطلوب، بل يكاد يكون داعماً للقضاء على البيئة والإخلال بالتوازن البيئي سواء كان ذلك مقصوداً أو غير مقصود. ولا يقتصر إهمال البيئة من قبل الشباب على رميهم مخلفات الاستخدام اليومي أينما شاؤوا أو الإكثار من استخدام الأجهزة والمواد التي تضر بالبيئة، بل ينعكس هذا الأمر على تفضيلهم السلع الاستهلاكية على السلع المعمرة وانتهاج السلوك الاستهلاكي في جميع مقتنياتهم اليومية والجري وراء كل ما هو جديد بغض النظر عن انعكاساته السلبية على بيئتهم وحياتهم. وأصبح الاهتمام بالبيئة في بلد مثل العراق، وكأنه عار كبير على فاعله، فليس من المنصف أو المعقول رؤية شاب يضع علبة المشروبات الغازية في سلة المهملات المنتشرة في الجامعة أو عند بعض المناطق السكنية عند الانتهاء من تناول ما فيها، وبات رمي النفايات والمواد التالفة بجانب الحاوية عادة عراقية يخضع من يخالفها للاستهزاء، والويل لمن يتحدث عن النظافة أو البيئة خارج بيته، إذ لا يلقى هؤلاء سوى السخرية ممن يعتقدون أن الأوضاع خربة ولا يستطيع المرء إصلاح ما يفسده الزمن. أما الرحلات الشبابية اليومية التي تنطلق في نهر دجلة فهي واحدة من أهم أسباب ملوثات النهر، إذ يرمي الشباب بقايا الطعام والعلب والأكياس الفارغة وسط النهر أو على ضفافه، ومثلهم يفعل الشباب الذين يسهرون ليلاً في متنزهات أبو نؤاس المحاذية لدجلة. الباحثة الشابة في قسم علوم الحياة في جامعة بغداد نبأ سميسم تقول إن السلوك الاستهلاكي لشباب العراق بات واحداً من أسباب تدهور البيئة الى جانب العوامل الطبيعية الأخرى التي ولدتها الحروب ونسبة الإشعاعات التي تعرض لها العراق والاحتباس الحراري والتصحر وغيرها من الظواهر التي أدت الى تدهور البيئة في العراق. وتؤكد سميسم ان الوضع البيئي في العراق وصل الى مراحل خطيرة، ويتوجب أن يخضع الشباب الى دورات تثقيف وتوعية خاصة بكيفية الحفاظ على البيئة في ضوء التغيرات المناخية التي تطورت بشكل كبير في السنوات الماضية، فضلاً عن فرض عقوبات قانونية على المواطنين الذين يسهمون في الإخلال بالبيئة بغض النظر عن أعمارهم وأجناسهم. وتضيف أن الشباب في شمال العراق يبدون أكثر وعياً من غيرهم بأهمية البيئة، إذ قاموا بتشكيل فرق خاصة لزراعة الأشجار دائمة الخضرة حول المدن لتفادي ظاهرة التغير المناخي فضلاً عن أن المدن والمتنزهات والأماكن العامة هناك تبدو أنظف بكثير من العاصمة نفسها.