بعد يومين فقط من الصدمة التي ولّدتها عملية الاغتيال المريعة التي صفّى بها أحد قتلة المافيا النابوليتانية المعروفة ب «كامورا» أحد أعضائها في وضح النهار وعلى مرأى من المارّة، اعتقلت الشرطة الإيطالية في مدينة آفيلّينو المحاذية لنابولي باسكوالي روسّو (62 سنة) وهو أحد كبار عرّابي المافيا الفار من وجه العدالة منذ أيار (مايو) 1993 والمدرج اسمه على لائحة أخطر 16 عرّاباً إيطالياً متوارين عن الأنظار بعدما صدرت بحقه غيابياً أحكام عدة بالسجن لمدى الحياة بسبب جرائم اقترفها في السنوات الماضية. وعلى رغم اقتراب الشرطة قاب قوسين أو أدنى من القبض عليه، واصل روسّو إدارة شؤون «عائلته المافيوية». وقبل ساعات من القبض عليه، اعتقلت الشرطة شقيقه الأصغر سلفاتوري روسّو، الذي دلها على مخبئه. وكان باسكوالي روسّو مختبئاً، كعادة عرّابي المافيا، في منزله في الحي الذي يسكن فيه. وكعادة قادة المافيا لم يبتعد عن المساحة التي «يحكمها» وكان يعيش في مخبأ خفي بُني تحت الأرض ويتم الوصول إليه من مدخل صغير تحت مغاسل مطبخ البيت. واعتقلت الشرطة في المخبأ أيضاً شقيق العرّاب، كارميني (47 سنة) وكان بدوره متوارياً عن الأنظار منذ سنتين وموضوعاً ضمن قائمة أخطر مئة قاتل مافيوي. وأعرب وزير الداخلية الإيطالي روبيرتو ماروني عن غبطته بالنتائج التي حققها قسم مكافحة المافيا في الشرطة الإيطالية بالتعاون مع النيابة العامّة لمكافحة المافيا. واعتبر الوزير أن اليومين الماضيين «يستحقان وصفهما بيومي انتصار على المافيا». وعلى رغم أن التوصّل إلى مخبأ أي عرّاب مافيوي كبير يأتي نتيجة لعمل دؤوب وطويل من قبل المحققين والقضاء وليس نتيجة صدفة، فمن الواضح أن عملية الاغتيال التي وقعت في نابولي قبل ثلاثة أيام والصدمة التي ولدّها لدى المواطنين شريط الفيديو للجريمة وزعته نيابة نابولي، أمران سرّعا في رد فعل الأجهزة الأمنية وعجلا في تنفيذ عملية الاقتحام والقبض على الشقيقين العرّابين الخطيرين. وبدت ملابسات هذه العملية نسخة طبق الأصل للقبض على عرّاب مافيا «كوزا نوسترا» الصقلّية توتو ريينا في مطلع عام 1993 بعدما كان صعّد المواجهة مع الدولة وخطط ونفّذ عمليتي التفجير المخيفتين اللتين أسفرتا عن اغتيال القاضيين جوفاني فالكوني وباولو بورسلّينو في أيار (مايو) وتموز (يوليو) 1993. وكان وزير العدل الإيطالي في حينه (الاشتراكي) كلاوديو مارتيلّي صرّح بعد عمليتي الاغتيال بان «على كوزا نوسترا أن تعي أنها ارتكبت الخطأ لأكبر في حياتها باغتيال القاضيين فالكوني وبورسلّينو».