بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مسيرته في العمل السياسي مبكراً، وذلك حين صدر أمر ملكي في ال16 من آذار (مارس) 1954 بتعيينه أميراً لمنطقة الرياض، بالإنابة عن الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، ولم يكن أكمل حينئذ ال20 من عمره، ثم عين في العام الذي تلاه، وتحديداً في ال18 من نيسان (أبريل) 1955 أميراً لمنطقة الرياض بمرتبة وزير، ليستمر في منصبه حتى تقديم استقالته عام 1960 وصدور الموافقة الملكية عليها برقم (40). وفي الرابع من شباط (فبراير) 1963 أصدر الملك سعود بن عبدالعزيز، رحمه الله، أمراً ملكياً برقم (46) يقضي بعودته أميراً لمنطقة الرياض مرة أخرى. ليستمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في منصبه أميراً لمنطقة الرياض منذ ذلك الوقت، حتى أصدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، أمراً ملكياً في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 رقم أ/288 يقضي بتعيينه وزيراً للدفاع، خلفاً للأمير سلطان بن عبدالعزيز، الذي وافته المنية في ال22 من تشرين الأول (أكتوبر) من العام ذاته. وبعد وفاة ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، في حزيران (يونيو) 2012، صدر أمر ملكي بتعيينه ولياً للعهد، قبل أن تتم مبايعته ملكاً للسعودية في ال23 من كانون الثاني (يناير) الجاري، ليصبح بذلك الملك السابع في ترتيب ملوك السعودية. ويعد الملك سلمان بن عبدالعزيز، حينما كان ولياً للعهد، أول ولي عهد يعين له ولي لولي العهد قبل وصوله إلى عرش الحكم، وذلك بموجب أمر ملكي أصدره الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، عين بموجبه الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً لولي العهد، وبموجب هذا القرار بويع الأمير مقرن ولياً للعهد خلفاً للأمير سلمان، الذي أصبح ملكاً للمملكة بعد إعلان وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز. الملك سلمان بن عبدالعزيز، عرف عنه منذ بدايته غيرته الإسلامية والعربية الشديدة، وهو ما بدا جلياً في موقفه الرافض للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حين توجه إلى ميدان المعركة على الأرض المصرية متطوعاً. وعمل الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال تلك الفترة رئيساً للجنة التبرع لمنكوبى محافظة السويس المصرية، أثناء حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ليكون جندياً يدافع بدمه وروحه عن أرض وشعب مصر ضد العدوان الثلاثي. ولم يتوقف الدور العربي للملك سلمان بن عبدالعزيز عند هذا الموقف، بل تعداه في فترة الحرب العربية - الإسرائيلية، حين بذل جهداً دولياً ملموساً في دعم العمليات الحربية المصرية ضد إسرائيل خلال فترة حكم الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، وأسس «اللجنة الشعبية لدعم الجهد الحربي في مصر» برئاسته لمساندة الجيش المصري في مواجهاته العسكرية مع إسرائيل. . وحين تعرضت مصر لزلزال 1992 لم يتردد الملك سلمان بن عبدالعزيز، في تكوين هيئة عليا برئاسته لجمع التبرعات لمتضرري الزلزال. هذا وتزخر السيرة الذاتية للملك سلمان بن عبدالعزيز، بتوليه كثير من المهمات في مجالات أخرى على هامش حياته السياسية بترؤسه نحو 20 جمعية وهيئة خيرية، إضافة إلى جهوده في مجالات الإغاثة خلال الأزمات التي شهدتها المنطقة في مصر والجزائر عام 1956، وفي الأردن وفلسطين عام 1967، وغيرها. وجاء تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في السعودية بناء على نظام هيئة البيعة التي أسسها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز عام 2006، لضمان انتقال سلس للحكم في المملكة عبر تأسيس هيئة البيعة الموكلة باختيار ولي العهد، وإضافة إلى كونه ملكاً للسعودية، يشغل الملك سلمان أيضاً منصب رئيس الوزراء، تبعاً لأحكام النظام الأساسي للحكم، القاضية بأن يكون الملك رئيساً للوزراء. وضمن آليات الخلافة التي تضمنها نظام هيئة البيعة، عيّن الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز أعضاء هيئة البيعة التي يترأسها الأمير مشعل بن عبدالعزيز، باعتباره الأكبر سناً، وتضم الهيئة 35 أميراً من أبناء وأحفاد الملك عبدالعزيز، مهمتهم تأمين انتقال الحكم، ولاسيما عبر المشاركة في اختيار ولي العهد. وتتكون الهيئة من أبناء الملك المؤسس، وينوب عن المتوفين والمرضى والعاجزين منهم أحد أبنائهم، يضاف إليهم اثنان من أبناء كل ابن من أبناء الملك المؤسس يعيّنهما الملك وولي العهد، ويتمتع أعضاء الهيئة بعضوية مدتها أربعة أعوام غير قابلة للتجديد، إلا إذا اتفق إخوة العضو المنتهية ولايته على ذلك وبموافقة الملك. وكان الديوان الملكي السعودي أعلن في وقت سابق تلقي ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، البيعة ملكاً على البلاد وفق النظام الأساسي للحكم بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، والذي كان يتولى المسؤولية منذ مطلع آب (أغسطس) 2005 خلفاً للملك فهد بن عبدالعزيز. من جهة ثانية رجح مركز «كارنيجى» الأميركى للسلام الدولي، في تقرير له أمس تناولته وسائل إعلام عدة، أن تستمر السياسة الخارجية السعودية من دون تغيير. وقال التقرير: «إن السياسة الخارجية للرياض متسقة بشكل ملحوظ منذ عهد الملك فهد، فالعائلة المالكة متماسكة بإحكام». وأضاف التقرير «إن هناك مؤشرات عدة توحي بأن انتقال الحكم فى السعودية لن يؤدي، على الأرجح، إلى تغييرات كبيرة في السياسات على المدى القصير»، مشيراً إلى أن «الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز، مثّلا الملك فى مناسبات عدة في الأعوام الأخيرة الماضية». وأوضح التقرير أن «الرئيس الجديد للديوان الملكي، وهو أيضاً وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 34 عاماً، ترأس ديوان والده عندما كان ولياً للعهد». وكشف التقرير عن أن «السياسات السعودية لن تتغير، على الأرجح في قضايا عدة، منها العلاقات مع الولاياتالمتحدة والتصدي لداعش». وتوقع التقرير عدم حدوث تغييرات في السياسة السعودية تجاه مصر في ظل حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.