أنوف ملفوفة بشاش أبيض، وجنات منفوخة أبرزت وجهاً ممتلئاً على رغم نحافة الجسد، وغيرها من التعديلات الشكلية باتت مشهداً مألوفاً يخرج من عيادات ومراكز التجميل المنتشرة في بغداد بعدما تحدى البحث عن الجمال جميع الظروف التي تعيشها البلاد. وكغيرهم من شبان العالم أو ربما بدرجة أعلى بقليل، بات الشباب العراقيون يقيسون جمالهم على مقاييس أنوف المشاهير وقسمات وجوههم ولجأوا بدورهم إلى عيادات ومراكز التجميل في بغداد للحصول على شكل أكثر تناسقاً. أما لوحات أطباء التجميل فانتشرت هي أيضاً بين لوحات زملائهم من الاختصاصات الأخرى، وصارت مركز جذب للفتيات والشباب على حد سواء مثلما انتشرت مراكز التجميل التي يديرها الخبراء الذين تمرنوا على إجراء «عمليات سطحية» لا تحتاج إلى مشرط جراح. لكن الرغبة في الحصول على الجمال قد تصطدم في بعض الأحيان بنتائج غير متوقعة بسبب عدم كفاءة بعض المراكز التي تعتمد على تقنيين وخبراء أكثر من اعتمادها على الأطباء، فيقوم هؤلاء بإجراء عمليات تأتي بنتائج عكسية. وتقول أميرة (38 سنة) انها أجرت عملية لإزالة التجاعيد تحت عينيها وأخرى لنفخ وجنتيها، وتحملت من اجل ذلك آلاماً كبيرة، لكنها فوجئت بعد أيام بفشل العملية التي أجرتها تحت العين إذ عادت التجاعيد للظهور بعد اشهر قليلة من إجراء العملية. وتضيف: «أغرتني طلة نجمات الفضائيات فسعيت بدوري لتجميل نفسي لكنني سقطت في فخ الاحتيال. فخبير التجميل لم يكن يملك الخبرة الكافية لإجراء العملية وكان يجب أن أتوجه إلى طبيب اختصاصي». وتلجأ غالبية الشباب الى المستشفيات الخاصة لإجراء العمليات لا سيما تلك التي تتطلب تدخلاً جراحياً مثل تجميل الأنف والوجه والصدر وشفط الشحوم، والتي تمتنع المستشفيات العامة عن إجرائها بعد القرار الأخير لوزارة الصحة باعتبارها عمليات كمالية وغير ضرورية في الظرف الحالي. ومنحت المستشفيات الحكومية الأولوية للمرضى الذين تعرضوا لتشوهات ناتجة من الانفجارات والحروق. ولا يقتصر الإقبال على عمليات التجميل على الفتيات، فالرغبة في الحصول على شكل أجمل امتدت إلى الشبان الذين يسعون هم أيضاً إلى الحصول على مقاييس جمالية أكثر انسجاماً بين أقرانهم. ويقول عامر وهو مهندس كومبيوتر، انه أجرى عملية تجميل لأنفه عند أحد الأطباء في المنصور وأصبح يتمتع بأنف جميل يحسده عليه أصدقاؤه. وينصح عامر الذي بدا سعيداً بأنفه الجديد جميع الشباب بإجراء عمليات التجميل إذا ما أرادوا تحسين مظهرهم وإدخال بعض التعديلات على هيئتهم. ويقول: «عمليات التجميل تحولت موضة ولا عيب في ان يجاري الشباب الموضة». ويبرر أطباء التجميل إقبال الشباب على عمليات التجميل بالانفتاح الحاصل في البلاد ورغبتهم في تقليد النجوم. ويؤكدون وجود إقبال متساو بين الجنسين على تجميل الأنف في شكل خاص، فيما تتفاوت نسبة الإقبال على تلك العمليات بين النساء العاملات وربات البيوت. ويؤكد نصير عيسى اختصاصي التجميل في مستشفى الواسطي، شيوع عمليات التجميل بين الشباب من الجنسين في شكل كبير، ويقول ان غالبية الشباب يلجأون الى تجميل الأنف أما الفتيات فيجرين بالإضافة الى الأنف عمليات نفخ الشفاه والوجنتين وشفط الشحوم. وتبقى الأسعار اللاعب الرئيس في طبيعة انتشار عمليات التجميل فالحصول على أنف جميل لا يتطلب أكثر من ألف دولار أما عمليات شفط الشحوم وشد البطن فلا تقل أسعارها عن ألف وخمسمئة دولار. وتتربع عمليات شد الوجه وتجميل الثدي على عرش الأسعار إذ لا تقل تكلفة العملية الواحدة منها عن ألفي دولار ويعتبرها الشباب أسعاراً ملائمة إذا ما قورنت بالأسعار السائدة في دول الجوار مثل إيران وسورية اللتين يقصدهما البعض لإجراء هذه العمليات، فضلاً عن نفقات السفر الى تلك البلدان والإقامة فيها.