قال وزير الدولة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط توبياس إلوود في حديث إلى «الحياة» إن نظام الرئيس بشار الأسد «يضعف في حرب الاستنزاف» الجارية في البلاد وأن لندن ستقدم «دعماً كبيراً» لبرنامج تدريب وتسليح المعارضة المعتدلة، معرباً عن «الترحيب» بقيام موسكو ب «انخراط بنّاء» لحل الأزمة السورية. وقال إلوود في مكتبه في لندن، إن وزراء خارجية 21 دولة من التحالف الدولي - العربي لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) اجتمعوا في لندن قبل يومين لمناقشة استمرار الاستراتيجية التي تتضمن جوانب عدة، عسكرية وسياسية وإنسانية ودعماً للحكومة العراقية، حيث جرى «تأكيد وتثبيت» ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع السابق في بروكسيل بمشاركة 60 دولة. وأضاف أن قناعة ممثلي الدول المشاركة في التحالف أن «الاستراتيجية تتقدم وناجحة، لكن يجب أن نكون صبورين لأنها ستأخذ وقتاً» للوصول إلى هدفها النهائي وهزيمة «داعش». وأُفيد بأن مقاتلات التحالف قضت على «آلاف العناصر من داعش و50 في المئة من كبار قادة التنظيم، إضافة إلى تدمير مئات العربات والدبابات التي كانوا استولوا عليها وحوالى 200 منشأة نفط وغاز وتدمير أكثر من ألف مركز ونقطة تفتيش ومقر وبناية تابعة ل «داعش». وقال إلوود إن ما يحصل في العراق «أثبت أن داعش ليس قصة ناجحة» وأن الأمور باتت تختلف عما سبق، إذ إنه كان على التحالف أن «يتحرك بسرعة» لمنع تقدم «داعش» إلى بغداد، الأمر الذي حصل بفضل التعاون مع القوات العراقية و»البيشمركة»، لافتاً إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالجانب العسكري بل ب «كيفية هزيمة داعش ايديولوجياً وسياسياً لأن ما يقوله التنظيم ليس هو الإسلام» مع ضرورة أن «يكون للسنة دور في النظام السياسي» العراقي حيث إن «المهمة الأصعب هي كسب السنة المعتدلين» مع القناعة أن «تحرير العراق في شكل كامل من داعش سيأخذ وقتاً». وزاد أن اجتماع لندن ركز على جوانب عملية تتعلق بحرمان «داعش» من المصادر المالية و «خنقه مالياً» بمنعه من تصدير النفط وبيع الآثار والتهريب. وقال إلوود رداً على سؤال إن «نظام الأسد يخسر ضباطه وعناصره، ولا شك أن النظام يضعف في حرب الاستنزاف كما هي الحال مع داعش. للأسف هذا سيأخذ وقتاً أطول، مع أن بعض الأمور قد تسير في سرعة أكبر»، لافتاً إلى أن «الأولوية الآن» لوقف المعاناة الإنسانية للسوريين و»نحيي» مبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لوقف هذه المعاناة و «عندما يتوقف صوت الرصاص، سنرى أن هناك جيلاً لم يحصل على تعليم بعدما كانت سورية نشطة وحيوية. عندما يخسر جيل كامل التعليم ستكون سورية ضعيفة. كان على المجتمع الدولي أن يتحرك، لكن للأسف ما نريده لا يحصل». وأشار إلى دعم الحكومة البريطانية «البنية التحتية في المناطق المحررة» إضافة إلى أنها ستقدم «دعماً كبيراً» لبرنامج تدريب وتسليح المعارضة المعتدلة و»نبحث حالياً أفضل السبل للقيام بذلك»، علماً أن مجلس العموم البريطاني حظر الانخراط العسكري في سورية. ويصل مئة خبير أميركي إلى المنطقة بعد أيام في إطار خطة لتدريب خمسة آلاف مقاتل سوري السنة الجارية ضمن خطة لتدريب وتسليح المعارضة المعتدلة رصد لها الكونغرس 500 مليون دولار أميركي. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في لندن إنه «في ربيع العام الجاري سنبدأ تدريب قوات المعارضة في معسكرات في السعودية وتركيا وقطر»، مضيفاً: «لا نركز فقط على هزيمة داعش وتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرته في المدى القصير، بل إننا معنيون بمساعدة ضحايا داعش على إعادة بناء حياتهم بعد زوال داعش». وقال إلوود إن «الكثير من السنَة سيذهبون إلى داعش، عندما لا يكونون ممثلين في النظام السياسي في دمشق»، لافتاً إلى أن التحالف الدولي - العربي جاء لمحاربة التنظيم في سورية وأن «الكثير من الدول ترى أن الأسد ليس مناسباً لحكم سورية». وأضاف أن الهجوم الإرهابي في باريس قبل أسابيع «يذكرنا بضرورة إيجاد حل في سورية». ورأى أن هناك فرقاً بين العراق وسورية، إذ إنه في العراق، هناك قرار دولي حيث طلبت حكومة حيدر العبادي من التحالف التدخل ودعم المؤسسات العسكرية والأمنية و «دعم الحكومة» في العراق، في مقابل «غياب أي قرار دولي يتعلق بسورية، ما يعقّد تدخل التحالف فيها». وقال رداً على سؤال إن الروس «لم يساهموا في حل الأزمة السورية كما أردناهم» في السنوات الأربع الماضية، لذلك فإن لندن «ترحب بانخراطهم» عبر الدعوة لعقد حوار سوري بين 26 و29 الجاري، حيث يواجه روسيا «تحديان: البحث عن حل ولعب دور»، معرباً عن «الأمل أن تعلب روسيا دوراً بنّاء كون لها علاقة جيدة مع نظام الأسد وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي». وأضاف أنه «أمر إيجابي أن يتحول الروس من الدور السلبي - الحيادي إلى لعب دور بنّاء». وسئل عن الدور الإيراني في سورية، فأجاب إلوود أنه «ليس هناك رابط مباشر» بين المفاوضات النووية بين إيران والدول الغربية «لكنّ هناك رأياً مفاده أن إيران شفافة ومستقرة ومرحب فيها في المنطقة، ستسأل نفسها: هل نحن جزء من الحل أم ننخرط ونلعب دوراً إيجابياً»، لافتاً إلى أن «الأمر المؤكد أن الغرب ليس مهتماً باتفاق سيء. نحن قلقون من التهديد النووي الإيراني، وأي اتفاق يجب أن يمنع إيران من الحصول على ذلك».