يتكاثر جمهور الموسيقي العشريني ريان الهبر وفرقته «بسيطة»، سنة بعد سنة. فلم تعد تتّسع له صالة صغيرة كصالة مسرح «مونو» التي أحيت الفرقة فيها العام الماضي في التوقيت نفسه حفلة غصّت بجمهور شبابي متنوع الأهواء السياسية. انتقلت الفرقة مساء أول من أمس، الى «مسرح المدينة» في شارع الحمرا الذي غصّ هذه المرّة بجمهور من فئات عمرية مختلفة غلب عليه لون سياسي يميل الى اليسار. لا شكّ في أن ابن الموسيقي والمغني خالد الهبر، متأثر بما قدّم أبيه وما زال يقدم من أغنيات سياسية واجتماعية تنتقد الواقع اللبناني. وذلك يظهر في كلمات أغنياته البسيطة التي قدّمها مثل «ميِّل عَ رواق»، «نتفة صوَر»، «سكِّر يا خيّي»، «أنا اللي حبّيت»، «كرمال اللي ماتوا للأرض»، «تعا قلَّك»، «يا أهل السهر».... وتعبّر هذه الأغنيات في نوتاتها وكلماتها عن يوميات الشباب في بيروت بكل شفافية، وإن سقطت أحياناً في «خطأ» الصراحة الشخصية كما في أغنية «مثليي الجنس» التي تحكي تجربة نوع من التحرّش العاطفي التي يقع فيها شاب في نهايتها أنه ليس ضد «المثليين» ولكنه «طبيعي». أما على الصعيد الموسيقي البحت، فبات معروفاً بين المهتمين أن لريان موهبة مميّزة في التأليف والقدرة على التوزيع الموسيقي، والعزف على البيانو. وبات من الموزّعين الذين يستعان بهم في تسجيل أسطوانات وإحياء حفلات ذات مستوى راق. وعلى رغم أن بعض ألحانه ذات النفحة الغربية تتمتّع بنضج موسيقي يتطوّر شيئاً فشيئاً، إلا أنها ما زالت أسيرة أسلوب أبيه وأسلوب زياد الرحباني. وذلك ليس نقطة سلبية تؤخذ بحقّ شاب ما زال يطبخ هويته الموسيقية على نار خفيفة. فأسلوب خالد وزياد الداعمين الأساسيين لموهبة ريان، أثّر في جيل كامل ولا يزال. لكن آن الأوان كي تتّضح هوية ريان الموسيقية، كونه يتميّز عن موسيقيي جيله بوعيه لمكنونات الموسيقى الغربية والشرقية، وبإصراره على لمّ شمل الموسيقيين مثله (في الفرقة) لإعطاء كل واحد منهم حقّه وإظهار موهبته. وذلك يتّضح في عزف فرقة «بسيطة» المندمج والمنسجم، مع العلم أنها لم تبلغ سنتها الثالثة بعد. وهنا لا بد من الإشارة الى قدرة ريان على ضبط إيقاع الفرقة وإظهارها على هذا النحو من الحرفية العالية. وفي المقارنة بين المقطوعات الموسيقية البحتة مثل «سفارة في العمارة»، وبين المقطوعات الغنائية، تبقى الموسيقى أقوى وأكثر تعبيراً من الكلمات. وليس سرّاً أن الأغنية اللبنانية عامة، تعاني حالياً من ضعف في إيجاد كلمات ذات جملة موسيقية. «بسيطة» هو اسم الفرقة، لكنها أثبتت جدارتها أول من أمس في العزف الجماعي المحترف، خصوصاً في تأدية موسيقى بعنوان «أول الغيث» من تأليف جوليو عيد، إضافة إلى أغنيتَيْن من ريبرتوار خالد الهبر، ومقطوعتَيْن موسيقيتَيْن لزياد الرحباني («أبو علي» وفاصل موسيقي من مسرحية «شي فاشل») وأغنية بعنوان «بفلّ إذا بدِّك» (غناها الفنان فيصل صعب في التسعينات). وشارك في الحفلة إلى جانب ريان (بيانو)، جوليو عيد (باص)، سلمان بعلبكي (إيقاع)، رزق الله قسطنطين (طبلة)، غسان سحّاب (قانون)، جهاد سعيد (درامز)، عثمان عيّاد (عود)، رامي معلوف (فلوت)، يوسف الفحل (كلارينت) وفهد حوّا (كمان)، إضافة إلى الكورس (لما أبو علي، شاديا أبي حبيب، سامي شمص وعلي صفوان).