سارع النواب الشيعة في العراق الى التنصل من اعتماد القائمة المغلقة في الانتخابات، مؤكدين تأييدهم القائمة المفتوحة، إثر تحذيرات المرجع الديني الكبير آية الله علي السيستاني المتكررة منذ يومين والتي ادت الى ارباكات داخل الاوساط السياسية. وكان السيستاني، حذر لليوم الثاني على التوالي، من تأثير «سلبي بالغ» في حال اعتمد البرلمان العراقي نظام القائمة المغلقة في الانتخابات التشريعية المقبلة، كما حذر نواب من ان اعتماد هذا النظام «سيهدر حقوق الناخب والمرشح في الوقت ذاته»، فيما اتهم رئيس اللجنة القانونية في البرلمان بهاء الاعرجي بعض الكتل السياسية «بالعمل على عرقلة اجراء الانتخابات، وأخرى تؤيد اجراءها وفق القانون السابق». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن النائب عن التيار الصدري فلاح شنشل ان «معظم الكتل السياسية تنصلت من اعتماد القائمة المغلقة، وليس هناك اي جهة تتبنى ذلك (...) فالقائمة المفتوحة تعبر عن ارادة الشعب». وأكد شنشل ان «البرلمان سيحسم الامر، واعتقد ان الالتزام سيكون كاملاً بالقائمة المفتوحة». والتيار الصدري من مكونات «الائتلاف الوطني العراقي» الذي يضم غالبية الاحزاب الشيعية، التي كانت ضمن ائتلاف فاز بانتخابات عام 2005، باستثناء «حزب الدعوة» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي الذي اعلن تشكيل «ائتلاف دولة القانون». من جهته، قال جلال الدين الصغير، النائب عن «المجلس الأعلى الاسلامي العراقي» ابرز اركان «الائتلاف الوطني العراقي»: «نعمل على اقناع الكتل السياسية بالعمل وفق القائمة المفتوحة». وأجاب رداً على سؤال عن تصريحات رئيس البرلمان اياد السامرائي حول التوصل الى اتفاق مع الكتل النيابية للعمل بالقائمة المغلقة: «هذا غير صحيح. فغالبية الكتل النيابية الآن تؤيد القائمة المفتوحة». بدوره، قال النائب عباس البياتي من «الاتحاد الاسلامي للتركمان» المنضوي في «ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي «ندعم بقوة القائمة المفتوحة. ونحن سائرون باتجاهها». وطالب البياتي «بالتصويت على قانون الانتخابات بشكل علني وبرفع الايدي ليعلم الشعب من هم مع القائمة المفتوحة ومن يرفضها». من جانبه، قال محمود عثمان، النائب البارز عن «التحالف الكردستاني» ان «القائمة الكردستانية مع القائمة المفتوحة، ولن تكون عقبة أمام العمل بموجبها نحن مع كل من يريدها ولسنا ضدها». لكن عثمان اعترض على اشراك المرجعية الدينية في القضايا السياسية قائلاً « يجب عدم زج المرجعية في هذه الامور». وكان حامد الخفاف، الناطق الرسمي باسم السيستاني أعلن في بيان أمس ان «المرجعية الدينية تحذر من ان اعتماد نظام القائمة المغلقة سيحد بشدة من رغبة المواطنين في المشاركة في الانتخابات، وسيكون له تأثير سلبي بالغ على سير العملية الديمقراطية». واضاف ان «المرجعية الدينية العليا تؤكد على اعضاء مجلس النواب ان يكونوا في مستوى المسؤولية الكبيرة التي انيطت بهم ويستجيبوا لرغبة معظم ابناء الشعب العراقي باعتماد القائمة المفتوحة في الانتخابات النيابية المقبلة». وكان مسؤول في مكتب المرجع في النجف اعلن أول من أمس ان السيستاني يلمح الى مقاطعة الانتخابات في حال اقرار نظام اللائحة المغلقة ما ادى الى ارباكات بالنسبة الى العديد من الكتل النيابية. وأكد مسؤول في مكتب المرجع ان السيستاني «يؤيد القائمة المفتوحة وفي حال استمر الموضوع على اساس القائمة المغلقة قد لا يكون للمرجعية الدينية العليا دور كبير في دفع الناخب العراقي للمشاركة في العملية الانتخابية». وتأتي تصريحات المرجع الشيعي، الداعية الى اعتماد القائمة المفتوحة، بعد تردد أنباء عن اتفاق الكتل السياسية، بعد اجتماع رؤسائها مع رئيس البرلمان في مكتبه الاحد الماضي، على «تبني القائمة المغلقة في الانتخابات واجراء ثلاثة تعديلات على قانون عام 2005»، هي التحديد النهائي لموعد الانتخابات في 16 كانون الثاني (يناير) المقبل، واستخدام البطاقة التموينية لعام 2009 لسجلات الناخبين، وزيادة عدد النواب من 275 حالياً الى 310. ولم تصدر أي كتلة سياسية ولا رئيس البرلمان أي بيان رسمي ينفي صحة هذا الاتفاق، إلا أن إحجام البرلمان، في قراءته الأولى مشروع لتعديلات على قانون الانتخابات الأحد الماضي، عن التطرق الى اعتماد القائمة المفتوحة عزز هذا الاعتقاد. ويعتقد ان تصريحات السيستاني تشكل ضغوطاً إضافية على النواب للاستجابة الى الدعوة لاعتماد القائمة المفتوحة، خصوصاً ان كل الكتل السياسية عبرت سابقاً علناً عن تأييدها بعد تصاعد الاعتراضات على نظام القائمة المغلقة الذي اعتمد في انتخابات 2005. لكن يبدو ان هذه الأحزاب كانت تضمر عكس ما تعلن، إذ إنها تعارض القائمة المفتوحة بسبب خشيتها من خسارة بعض رموزها في الانتخابات، على رغم ان بعضها يدعي علناً تأييده القائمة المفتوحة. ولا يتمتع الناخب في القائمة المغلقة بحرية الاختيار، فإما ان يختار القائمة بذاتها او ينصرف عنها. اما في القائمة المفتوحة فبإمكان الناخب اختيار النواب الذين يؤيدهم بالاسم وليس القائمة كلها. وكانت الحكومة احالت مشروع قانون الانتخابات الى المجلس النيابي قبل اسبوعين، ويتضمن في احد مواده اعتماد القائمة المفتوحة. في غضون ذلك، تتصاعد تحذيرات نواب وسياسيين من اعتماد القائمة المغلقة، واعتبر النائب عن «جبهة التوافق» وثاب شاكر عدم تطرق البرلمان، في القراءة الاولى للتعديلات على قانون الانتخابات، لمسألة اعتماد القائمة المفتوحة، «مصدر قلق للكتل النيابية التي تساند هذا الطرح»، وحذر في اتصال مع «الحياة»، من ان «اعتماد نظام القائمة المغلقة الذي اعتمد في الانتخابات النيابية الماضية سيهدر حق الناخب في اختيار من يمثله في البرلمان المقبل» لافتاً الى ان هذا النظام «يخدم كتلاً على حساب اخرى». ولفت النائب عن «حزب الفضيلة» حسن الشمري الى انه «على رغم اتفاق الغالبية البرلمانية على اعتماد القائمة المفتوحة، إلا ان التعديل الذي اجرته اللجنة القانونية لم يشمل هذه النقطة» محذراً من ان «عدم إجراء التعديل المطلوب سيقود النواب المناصرين لنظام القائمة المفتوحة الى القيام بحملة داخل المجلس للاستجابة الى طلبهم». وأشار الى ان «بعض الكتل الكبيرة تريد الإبقاء على القائمة المغلقة لمصالحها الخاصة» وان «هذا الامر سيهدر حقوق الناخب والمرشح في الوقت ذاته». من جانبه اتهم رئيس اللجنة القانونية في البرلمان بهاء الاعرجي «بعض الكتل السياسية بالعمل على عرقلة اجراء الانتخابات النيابية، وأخرى تؤيد إجراءها وفق قانون الانتخابات السابق». وقال الأعرجي في تصريحات صحافية أمس إن «الكتل السياسية اتفقت على إدخال تعديلات بسيطة على القانون السابق في القراءة الأولى في مجلس النواب، على أن يتم استلام اقتراحات التعديلات بعد القراءة الثانية للقانون». وأوضح الأعرجي أن نظام القائمة المغلقة أوالمفتوحة وقضية كركوك هما من أبرز إشكاليات القانون، وسيصار الى اجراء تصويت داخل البرلمان للتوصل الى حلول بشأن هاتين الفقرتين، مشيراً الى ان «الجلسات ستكون مباشرة ومفتوحة ليتسنى لجميع العراقيين معرفة الجهات التي تساند القائمة المفتوحة والكتل السياسية التي ترفضها». وأضاف ان «انجاز القانون الجديد للانتخابات سيتأخر بضعة أيام عن الموعد المقرر (منتصف تشرين الاول الجاري) بسبب الخلافات حوله». وأجرى البرلمان الأحد الماضي قراءة أولى لقانون الانتخابات أقر خلالها بند زيادة عدده الى 311 من دون اعتراضات، لكن مصادر رجحت ان تثير القراءة الثانية، التي لم تحدد بعد، نقاشات وسجالات بين الكتل، بسبب التباين حول اعتماد القائمة المفتوحة أو المغلقة، وجعل العراق دوائر انتخابية عدة بدلاً من واحدة. يذكر ان المحكمة االدستورية حددت 16 كانون الثاني (يناير) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة في العراق، فيما انهت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المصادقة على الكيانات السياسية، وتحديث سجلات الناخبين بانتظار إقرار البرلمان قانون الانتخابات الجديد الذي بدأت الكتل السياسية بمناقشته منذ أكثر من ثلاثة شهور. من جانبها، طالبت بعثة الاممالمتحدة في العراق البرلمان ب «الإسراع» بإقرار مشروع قانون الانتخابات. وشدد رئيس البعثة اد ملكيرت على «الحاجة الملحة لتبني قانون الانتخابات بغية السماح بإصدار قرارات حاسمة وعلى وجه السرعة لتنفيذ الجوانب الانتخابية الفنية الرئيسة في الوقت المناسب». ونقل بيان عن ملكيرت قوله ان «الايام العشرة المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لمجلس النواب فيما يتعلق بالارتقاء الى مستوى المسؤولية لسن قانون الانتخابات».