المهندسة والرسامة والمصورة الكويتية ديمه الغنيم ترى ان "المدونة بطبيعة تواصلها مع الغير تتحول الى بيت يضج بالحياة، يتقبل دخول الجميع للمشاركة والتعقيب والتعليق. ويتم التعارف في المدونات من خلال التجارب، وليس من خلال الشكل والاسم والجسد، فهناك مدونون بلا أسماء يتحدثون، ويعبرون بطلاقة - وبما يمتلكونه من حرية - عن تجاربهم، وإبداعاتهم، وينقلون الأحداث الهامشية، وانتقاداتهم، بل ويتعرضون أيضاً الى حياتهم اليومية، بكتابة مذكراتهم، من دون توجس من أحكام مسبقة، أو تعرض مباشر، أو انتقاد يلتصق بحيواتهم وبأسرهم وبأوضاعهم الاجتماعية". لا شك في ان المدوّن يكتب كما يتكلم أو يشعر. ومن فرط زهد بعض المدونين بقوانين الكتابة التقليدية صارت له لغة لا تشبه غيرها، وتقترب من كلام الناس مع بعضهم بعضاً. لكن هذا العالم التلقائي الجميل والحر يواجه اليوم أزمة حقيقية، وآخر أزمات المدونين حدث في الكويت، بعد تجسس وزارة المواصلات الكويتية عليهم، والدخول في جدل وصل الى مجلس الأمة (البرلمان) حول التجسس والرقابة عبر اجراءات قانونية، على رغم ان التجسس أرحم وأخف ضرراً من الرقابة. الأكيد ان التضييق على المدونين لا يخص بلداً عربياً بعينه، فحرية التعبير عدو للأنظمة العربية، فضلاً عن ان المدونات نشأت في غفلة من المشرع، وحين كثُر عددها، وزاد تأثيرها، عومل المدونون بصفتهم خارجين على القانون، وارتفعت اصوات في غير بلد عربي، تطالب بضرورة حصول المدون على رخصة كي يتكلم، كأن هناك من يرغب في قتل الجانب الذاتي لفكرة التدوين، والتعامل مع المدونة بصفتها وسيلة اعلامية يجب ان ترخص، وهذا التوجه تعدٍ على الحرية في الدول العربية يعتبر سابقة ومخالفة صارخة لشروط الزمن الذي نعيشه. الأمر لم يتوقف عند المدونات، حتى حرية التصفح عبر شبكة "الانترنت" أصبحت تضيق في دول المنطقة، وخلال الأشهر الأخيرة تراجعت هذه الحرية في دول كانت تعيش وضعاً افضل. والمؤسف ان الوصاية وانتهاك حرية الاطلاع والتواصل مع العالم يسودان تحت شعارات وطنية ومثالية، وهذه الشعارات جرت محاولة لرفعها في اميركا مع بداية خدمة الإنترنت، لكنها وجدت من يقف ضدها، وكان موقف هؤلاء هو ان الأخطاء والتجاوزات يجب ألا تكون مبرراً للمس بحرية التعبير والتفكير والاطلاع، وحماية المجتمعات والدول لا تكون عبر التضييق على الحرية بل بزيادتها.