خلت عشرات الصفحات التي أفردتها صحف نهاية الأسبوع في إسرائيل للانتخابات العامة في 17 آذار (مارس) المقبل، من التطرق إلى البرامج السياسية للأحزاب المختلفة التي بدت كأنها في آخر اهتمامات قادتها، وتمحورت في الشخصيات القيادية لهذه الأحزاب والخصومات الشخصية بينها، لتؤكد «شخصنة المعركة»، وأنها ستنحصر بين من يريد رؤية زعيم «ليكود» رئيس الحكومة نتانياهو يواصل تربعه على كرسيه، وبين من يدعم إطاحته بغض النظر عن هوية من يحل محله، سواء زعيم «العمل» اسحق هرتسوغ، أو حتى زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، أو زعيم «يش عتيد» يئير لبيد. وراجت أنباء أمس عن تحالف انتخابي وشيك بين حزب «العمل» بزعامة اسحاق هرتسوغ وحزب «الحركة» بزعامة تسيبي ليفني، فيما دعت أصوات في «ليكود» الوزير السابق جدعون ساعَر إلى العودة إلى الحياة السياسية لمنافسة نتانياهو على زعامة الحزب، كل ذلك في ظل استطلاعات للرأي تؤكد أن الحزب الذي سيشكله الوزير السابق موشيه كحلون الذي ترك «ليكود» قبل عامين، وسيخوض الانتخابات المقبلة على رأس قائمة انتخابية جديدة، سيكون «نجم الانتخابات المقبلة». تراجع شعبية نتانياهو لكن الجديد الذي حملته تقديرات المحللين في الشؤون الحزبية أمس وقراءتهم لبعض استطلاعات الرأي هو أن ترؤس نتانياهو الحكومة الجديدة بعد الانتخابات لم يعد بالأمر المفروغ منه، وان هناك احتمالات، وإن كانت ضعيفة، لكن قائمة، بأن لا يحظى بدعم الغالبية المطلقة من النواب، بفضل تراجع شعبيته بشكل لافت. وأظهر استطلاع نشرته صحيفة «معاريف» أمس أن 60 في المئة من الإسرائيليين لا يرغبون في رؤية نتانياهو رئيساً للحكومة بعد الانتخابات (في مقابل 34 في المئة يرغبون بذلك). وأضافت أنه لو كانت الانتخابات لرئاسة الحكومة مباشرة لانتخب 45 في المئة نتانياهو، وأعطى 44 في المئة أصواتهم لزعيم «العمل». وبحسب الاستطلاع أيضاً، فإن كحلون يتمتع بشعبية أوسع من نتانياهو (46 في المئة في مقابل 36). كذلك يتفوق ساعَر، الذي ترك الحكومة قبل ثلاثة أشهر، على نتانياهو بفارق خمس نقاط. رغم ذلك، أظهر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة «إسرائيل اليوم» الموالية لنتانياهو أن 24 في المئة من المستطلعين يرون انه ما زال الشخص الأنسب لتولي منصب رئيس الحكومة في مقابل 11 في المئة اختاروا هرتسوغ. ويبدو أن التقارير عن تراجع شعبية نتانياهو هي التي دفعت نواباً في «ليكود» إلى التوجه إلى ساعَر ليعود وينافس نتانياهو على زعامة «ليكود» في الانتخابات التي ستجري بعد شهر. وبرأي هؤلاء، فإن باستطاعة ساعَر، الذي حصل في الانتخابات الداخلية في الجولتين السابقتين على المركز الأول، هزم نتانياهو. وقالت النائب ميري ريغف للإذاعة العامة إن منافسة ساعَر لنتانياهو «قد تغير وجه الواقع». ولم يعلن ساعَر موقفه بعد، إلا أن نواباً في الحزب لم يستبعدوا عودته. إلى ذلك، توقع مراقبون أن يكون حزب كحلون (المتوقع أن يحصل على 11-13 مقعداً) «بيضة القبان» في تشكيل الحكومة المقبلة، أو ربما حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي لم يعد ينفي احتمال التحالف بعد الانتخابات مع تكتل يمثل أحزاب يمين الوسط. كحلون وتتوج الاستطلاعات كحلون نجماً في الانتخابات المقبلة رغم انه لم ينشر برنامجاً انتخابياً ولم يُعرف بعد من سيكون معه في القائمة الانتخابية وإلى أية حكومة سينضم. وفيما يحذر «ليكود» أنصاره من أن التصويت لكحلون قد يضعف الحزب الحاكم ومعسكر اليمين، أعربت أوساط في حزب «العمل» الوسطي عن خشيتها من أن يكون حزب كحلون «نسخة عن «ليكود»، أو «ليكود ب» وأن ينضم غداة الانتخابات إلى حكومة بزعامة نتايناهو في مقابل منحه وحزبه حقائب وزارية تعنى بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية. لكن معلقين استذكروا أن مغادرة كحلون الحياة السياسية قبل عامين لم تكن لخلافات سياسية إنما شخصية مع نتانياهو، «الذي لم يعد يحتمل تحليق شعبية وزيره». ولم يكشف كحلون عن توجهاته بعد الانتخابات، ونقلت صحيفة «هآرتس» عن شخصيات التقته أنها خرجت بانطباع أنه ليس بصقر متطرف إنما «براغماتي» وأنه مستعد للنظر في تسوية سياسية تقوم على حل وسط يرضى به غالبية الإسرائيليين، وأنه لا يعارض انسحاب إسرائيل من الأحياء العربية في القدس ولا ينفي احتمال المشاركة في أية حكومة تدعم مثل هذه التسوية. لكن مقرباً من الوزير السابق أكد أن هو رجل يميني، ترعرع في «ليكود». وأضاف ان كحلون «يمثل اليوم الوسط الحقيقي وأنه لن يتنكر لمواقفه وسيبرزها في برنامج الحزب. وتابع مستدركاً أنه «في واقعنا الراهن الذي يجلس ممثلو يمين مع ممثلي يسار حول طاولة حكومة واحدة، لن تحُول مواقف سياسية لشخص مثل كحلون دون أن العمل على تحقيق برنامج اقتصادي – اجتماعي أيضاً في حكومة وسط». تحالف ليفني مع «العمل»؟ وراجت أمس أنباء عن تحالف انتخابي متوقع بين حزب «العمل» بزعامة اسحاق هرتسوغ وحزب «الحركة» بزعامة تسيبي ليفني ينضم إليهما حزب «كديما» المتهاوي. وأثارت صورة مشتركة لهرتسوغ وليفني في مطار اللد متوجهين إلى الولاياتالمتحدة، انطباعاً أنهما اتفقا على تشكيل قائمة مشتركة على غرار قائمة «ليكود – إسرائيل بيتنا» في الانتخابات الأخيرة يحافظ فيها كل حزب على أطره، لكنهما يلتقيان في جذب مصوتي الوسط. وأعلنت ليفني أمس أنه سيتم قريباً تشكيل قائمة مشتركة لأحزاب الوسط ويسار الوسط يكون هدفه الرئيس منع عودة نتانياهو على رأس حكومة جديدة. وأكدت للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أنه «ستكون هناك قائمة مشتركة». وتابعت أن التحالف بين أحزاب الوسط سيقوم وفقاً لاعتبارات انتخابية، وسيكون الاختيار للتحالف الذي يحقق أصواتاً أكثر ويكون قادراً على إسقاط نتانياهو. وأضافت: «يجب أن نجمع قوانا لخلق وضع يكون فيه أمل لاستبدال نتنياهو، وهذا ما سيحصل». وقالت زعيمة «العمل» سابقاً شيلي يحيموفتش ان الإسرائيليين سئموا نتانياهو، ولم تنف احتمال أن ينضم «العمل» إلى تحالف مع ليبرمان أو كحلون لإسقاط نتانياهو.