في غياب قضية مركزية تدور حولها الانتخابات العامة في إسرائيل التي تقرر أمس إجراؤها في السابع عشر من آذار (مارس) المقبل، حدّد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الاتجاه الذي ستدور حوله حملته الانتخابية، بإعلانه أن الانتخابات ستكون حول من يدير الدولة، كأنها ستكون بمثابة «استفتاء عام» على شخصه، على رغم أن الانتخابات لرئاسة الحكومة ليست مباشرة، إنما للأحزاب التي يفوز زعيمُ أكبرها عادةً بمهمة رئاسة الحكومة. (للمزيد) وقال نتانياهو في اجتماع كتلة حزبه البرلمانية أمس، إن الانتخابات المقبلة ستدور حول سؤال واحد فقط، هو من يقود الدولة ويواجه التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية، «ولأجل ذلك نحن بحاجة إلى ليكود يحصل على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية ليتمكن من إدارة شؤون الدولة». وكان نتانياهو بدأ معركته بإقالة زعيمي «يش عتيد» و»الحركة» الوزيرين يئير لبيد وتسيبي ليفني من الحكومة مساء أول من امس، بداعي محاولتهما التآمر على رئيس الحكومة والإكثار من انتقاداتهما الشديدة لحكومته، تبعتها استقالة سائر وزراء «يش عتيد»، ما استدعى جميع الأحزاب أمس للاتفاق رسمياً على حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة في 17 آذار (مارس) المقبل. وردت ليفني على نتانياهو باتهامه بإطلاق «تصريحات هستيرية» وأنه شخص «لا ينطق بالحقيقة، وهذا طبعه»، ووصفته ب «الجبان، يخاف العالم ويخاف الوزراء والمتطرفين في حزبه وحكومته». ورأى مراقبون أن «انهيار» الحكومة الحالية على خلفية خلافات شخصية بين نتانياهو وعدد من وزرائه لا على أجندة سياسية أو خلفية أيديولوجية، دفع إلى تحويل المعركة المقبلة «شخصيةً»، خصوصاً بعدما فقد رئيس الحكومة «الورقة الرابحة» التي لوّح بها في المعركتين الانتخابيتين السابقتين، المتمثلة ب «الهدوء الأمني»، وذلك في أعقاب الحرب على غزة وتدهور الوضع الأمني في القدسالمحتلة منذ الصيف الماضي. فضلاً عن ذلك، يدرك نتانياهو عجز معسكر الوسط واليسار عن التوافق حول مرشح منافس له، فيما تفيد استطلاعات الرأي بأن نحو نصف الإسرائيليين ما زال يرى فيه المرشح الأنسب لهذا المنصب، بفارق 30 في المئة عن مرشح الوسط واليسار زعيم حزب «العمل» إسحاق هرتسوغ. ويسعى نتانياهو لإخراج «ليكود» في الانتخابات المقبلة أكبر الأحزاب أصواتاً لينال الترشح (بدعم أحزاب اليمين) لرئاسة الحكومة. وأكد استطلاعان جديدان للرأي أن تكتل اليمين المتشدد سيواصل السيطرة على غالبية مقاعد البرلمان، إذ يحصل «ليكود» على 22 مقعداً (18 في الكنيست الحالية) يليه «البيت اليهودي» الأكثر تطرفاً بزعامة نفتالي بينيت مع 17 مقعداً، أي بزيادة خمسة مقاعد، ثم «إسرائيل بيتنا» ب10-12 مقعداً، ليشكلوا معاً 51 مقعداً (من مجموع 120). ويتوقع أن ينضم إليهم الحزبان الدينيان المتزمتان «شاس» و «يهدوت هتوراه» مع 15-17 مقعداً. وتعني هذه الأرقام أن مهمة تشكيل نتانياهو حكومة يمينية متطرفة (رابعة برئاسته وثالثة على التوالي) تبدو سهلة. وحذر معلقون من أن حكومة كهذه ستعود إلى أجندة حكومات اليمين الأكثر تطرفاً، فتزيد موازنة الأمن وتعزز الاستيطان في أنحاء الضفة الغربية «وقد لا تتردد في بحث ضمها إلى إسرائيل»، وتصعد القمع تجاه فلسطينيي 1948. في المقابل، تتراجع شعبية أحزاب الوسط الثلاثة، خصوصاً «يش عتيد» برئاسة يئير لبيد (من 19 مقعداً إلى تسعة)، و «الحركة» بقيادة تسيبي ليفني (من ستة مقاعد إلى أربعة)، وحزب «العمل» الذي قاد الحكومة الإسرائيلية أربعة عقود (من 15 إلى 13 مقعداً فقط)، ويختفي «كديما» تماماً. وتوقع الاستطلاعان أن تذهب المقاعد التي تخسرها هذه الأحزاب إلى الحزب الجديد الذي شكله الوزير السابق الذي انسلخ عن «ليكود» موشيه كحلون وتبنى أجندة اجتماعية (10-12 مقعداً)، فيما ارتفعت أصوات داخل أحزاب الوسط الثلاثة لتشكيل قائمة مشتركة تشكل نداً لأحزاب اليمين، إلا أن احتمالات ذلك تبدو ضعيفة.