يتوجه الإسرائيليون اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب البرلمان (الكنيست) التاسع عشر، وسط توقعات كل استطلاعات الرأي بفوز معسكر اليمين - المتدنيين بغالبية مطلقة من المقاعد ال 120، تتيح لقائد هذا المعسكر، زعيم «ليكود بيتنا»، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو تشكيل حكومة جديدة، هي الثالثة له، سيضم إليها كما يبدو الحزب الوسطي الجديد «يش عتيد» برئاسة الإعلامي سابقاً يئير لبيد. وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية والشرطة الإسرائيلية أنها أتمت استعداداتها لضمان سير العملية الانتخابية. وأعربت عن أملها في ان تتعدى نسبة الاقتراع هذه المرة 70 في المئة، علماً أنها لم تتجاوز 63 في المئة في الانتخابات السابقة قبل أربعة أعوام. ويبلغ عدد أصحاب حق الاقتراع 5 ملايين و650 ألفاً، بينهم نحو 800 ألف عربي. وتتنافس على المقاعد 33 قائمة حزبية يتوقع أن تنجح 11-14 منها في اجتياز نسبة الحسم (2.5 في المئة من المقترعين)، فيما تعتبر كل الأصوات التي لم تصل إلى هذه النسبة أصواتاً لاغية تستفيد منها الأحزاب الكبرى. وفي حال أصابت الاستطلاعات، فإن الحكومة المقبلة ستكون الأولى في تاريخ الدولة العبرية التي تتمتع بقاعدة برلمانية ذات غالبية من المتدينين الصهيونيين («البيت اليهودي» وداخل «ليكود») الذين يمثلون المستوطنين في الأراضي المحتلة، والمتزمتين و»الحرديم» (شاس ويهدوت هتوراه)، ما يعتبر انتصاراً مدوياً للمستوطنين الذين كانوا في الحكومات السابقة على هامشها ويغدون اليوم في مركزها يشكلون الحكومة الأكثر تطرفاً. ومنذ سنوات، لم تشهد إسرائيل معركة انتخابية محسومة مسبقاً كالمعركة الحالية التي حركتها أساساً استطلاعات الرأي، وبناء للنتائج تصرف رؤساء الأحزاب. ويعزو مراقبون هذه الحقيقة إلى الخطوة الذكية التي اتخذها نتانياهو حين قرر خوض الانتخابات في قائمة مشتركة مع «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان ليضمن فوراً خروج هذا التحالف الأكبر بين الأحزاب المتنافسة، فيكون المرشح الأقوى ليحظى بتكليف رئيس الدولة العبرية له تشكيل حكومة جديدة. وخلافاً لمعارك انتخابية سابقة، غيّبت المعركة المنتهية ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بعد أن آثر حزب «العمل» الذي تبنى هذا الملف في السابق التمحور في القضايا الاجتماعية السياسية، فيما لم ينشر «ليكود بيتنا» أي برنامج انتخابي، وتمحورت دعايته في وجوب التصدي ل «الخطر النووي الايراني»، آملاً في ذلك صرف أنظار الناخب عن الضائقة الاقتصادية والمسائل الاجتماعية التي تبنتها أحزاب الوسط. وكانت زعيمة الحزب الجديد «هتنوعاه» تسيبي ليفني الوحيدة بين قادة الأحزاب الكبرى التي طرحت ملف الصراع في مركز أجندة الحزب، لكن ليس أكيداً أن يخرج الحزب بعدد من المقاعد تكفل له أن يؤثر على تشكيلة الحكومة المقبلة. ورغم أن الانتخابات ليست شخصية، إلا أن المعركة المنتهية تمحورت في الشخصيات التي تقود الأحزاب المتنافسة، لا في أيديولجيتها أو برامجها أو هوية سائر مرشحيها. فتحالف «ليكود بيتنا» ركّز حملته على زعيمه «القوي» نتانياهو «الذي يصغي العالم له عندما يتحدث» و»الذي يصمد في وجه الضغوط الدولية ويواصل الاستيطان». من جهته، نجح زعيم الحزب الديني المتطرف «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، الذي اخترق الحلبة السياسية قبل شهرين فقط، في مضاعفة شعبية الحزب بفضل شخصيته الكاريزماتية وسيرته الذاتية كرجل «هاي تك» ناجح يتحدر من أصول أميركية ويطلق تصريحات متشددة تستسيغها آذان الشارع الإسرائيلي المنجرف منذ سنوات نحو اليمين. والأمر ذاته بالنسبة الى مؤسس حزب «يش عتيد» (يوجد مستقبل) يئير لبيد المتوقع أن يحصل على 10-12 مقعداً، وليس بفعل برنامج انتخابي يقوم أساساً على الدعوة إلى «تحمل جميع الإسرائيليين العبء بالتساوي». ولم يتخلف حزب «العمل» عن الركب، إذ محوَر معركته في شخص زعيمة الحزب شيلي يحيموفتش، وهي إعلامية سابقة عرفت خلال دورة الكنيست الأخيرة بسلاطة لسانها. كذلك، فإن المقاعد المتوقع أن تحصل عليها ليفني (8-10) ترتنبط بشخصها، اذ عرفها الإسرائيليون مستقيمة رفضت ابتزاز الأحزاب الدينية، فخسرت فرصة تشكيل حكومة.