تجمع العادات الاجتماعية محلياً على زيارة كبار السن في منازلهم خلال أيام العيد، إذ يقيمون مجالس لاستقبال الضيوف، يتم من خلالها تهنئتهم بهذه المناسبة السعيدة، والوقوف على أحوالهم، ومشاركتهم فرحة العيد الجميلة التي يتمنى كل إنسان أن يعيشها مع أهله وأحبابه. ويرى عبد الجليل الجويسم أن «المتعارف عليه محلياً أن يستقر كبار السن في منازلهم، وتأتيهم فرق المهنئين ولا يكاد ينقضي نهار رمضان حتى يستقبل هؤلاء جميع رجال القرية أبناءها»، مضيفاً «أما كبار السن المرضى، سواء كانوا منومين في المستشفى، أو في البيت، فهم محل اهتمام خاص، إذ تنطلق السيارات لعيادتهم بما يطلق عليه الواجب الاجتماعي الملِّح، وكما للصغار عيدية، فكذلك للكبار عيدية وخصوصاً المرضى، وتتم بطريقة سرية، إذ يتعمد المهنئ تخبئة مبلغ من المال تحت وسادة المريض أو تحت فراشه، وهو أمر غاية في الروعة». وتشكلت قبل ثلاثة أعوام فرق ولجان أهلية تعنى بزيارة دور رعاية العجزة، والمستشفيات إذ تقوم بدور كبير في منح نزلاء تلك الأماكن الرعاية والاهتمام والاحتفال بهذه المناسبة. ويقول فاضل البراهيم، وهو عضو في إحدى اللجان: «لا يمكن أن أصف الإحساس الذي يغمرني وأنا أرى استقبال كبار السن لنا في تلك الدور، ويمكن أن استشف السعادة التي نغمرهم بها ويغمروننا بها»، مضيفاً «لا أعلم لماذا يبقى هؤلاء خلف أسوار تلك الأمكنة حتى في يوم العيد، الذي هو فسحة للراحة والاستجمام والسعادة وتجديد الحياة، ولماذا لا يحرص أبناؤهم أو ذويهم على إخراجهم ولو في هذه المناسبة، ليجددوا حياتهم ويعيشوا ولو للحظات من السعادة؟» وتسبق هذه المظاهر بأيام ترابط من نوع آخر، إذ يسارع كثيرون إلى توفير كسوة العيد لكبار السن من الأهل والجيران، إذ أصبحت عادة الكسوة أمراً طبيعياً ومرحباً به، ودلالة على «التقدير والحب والاحترام»، حيث يتبادل الجيران ملابس كسوة الكبار بفرح، وابتسامة تجسد حميمية الموقف. ويقول سلطان السلطان: «العيد للأطفال وكبار السن بنسبة تفوق 70 في المئة، وما تبقى للأعمار التي تقبع بين هاتين الفئتين، ولعل الكبير في السن ينظر إلى العيد بعيون أخرى، إذا يراه فرصة لرؤية من لم يرهم منذ زمن بعيد، سواء من عائلته أو من أفراد مجتمعه». ويشير سلمان الغامدي إلى أن «الإهتمام بكبار السن ثقافة إنسانية». ويضيف «استحدث اليابانيون عيداً رسمياً لتوقير كبار السن، يقام في أيلول (سبتمبر) يعربون فيه عن احترام أولئك الذين عملوا باجتهاد طيلة عمرهم من أجل خير المجتمع، ويدعون لهم بطول العمر. وتقام الاحتفالات التكريمية، والحفلات الغنائية الفلكلورية، وتقدم الهدايا والجوائز لهم، وسط حضور رسمي وشعبي بهذه المناسبة. ولعل من أبرز صور الالتفاف حول كبار السن ما يحدث بعد صلاة العيد مباشرة، إذ يهرع الأطفال والشباب وحتى الرجال إلى تقبيل الرؤوس التي تحمل الشعر الأبيض في صورة لا يمكن أن ترى بهذا الحجم، إلا في العيد، فتهنئة كبار السن لا تتم إلا بهذه الطريقة التي تعني أعلى درجات الاحترام في الثقافة المحلية، إلى جانب تقبيل اليدين». من جهتها، تنتظر أم صالح (72 عاماً)، مع كل عيد على باب غرفتها في بيت العائلة مجيء أحفادها في تلهف واشتياق، وهي تمسك بكيس أبيض يحوي العيدية، وآخر يحوي المكسرات والحلويات، لتفرغهما بعد أن يحضر الأحفاد ويطبعوا قبلة صغيرة على جبينها، أو يديها في عادة لم تتغير منذ زمن بعيد. وتعد الجدة أول من يتلقى التهاني بالعيد من الأطفال، إذ يحرصون على التسابق إليها لتكون افتتاحية العيدية من جيب الجدة. وتقول أم صالح: «أعد الكيسين قبل أسبوع من العيد، إذ أحرص على توفير مبلغ جيد، وحلوى تكفي للأطفال، وشعوري وأنا أرسم الابتسامة على وجوههم لا يمكن أن يوصف، لأنني أشعر بأن حياتي يمكن أن تنتهي بعد هذه اللحظة وأنا أرى نفسي مصدراً للحب والعطاء لأبنائي وأحفادي».