كثيراً ما ترتبط مهرجانات التسوق السعودية في المدن السياحية التي يقصدها غالبيتهم في إجازتي الشتاء والصيف، ما أدى إلى تعزيز سياحة التسوّق على حساب سياحة الترفيه الداخلية. وأوضح الخبير الاقتصادي فضل البوعينين في حديثه إلى «الحياة» أن المجتمع السعودي عموماً منغمس في الاستهلاك، ولا يحتاج إلى مثل هذه المهرجانات التي من شأنها أن تدفعه للتسوق في شكل أكبر، إذ إن عملية التركيز على سياحة التسوق، ظاهرة غير صحية في مثل هذه الأوقات، مشيراً إلى وجوب التركيز على سياحة الترفيه للمواطن السعودي، خصوصاً أن أوقات سياحة التسوق لا ترتبط عادة بالمناسبات الرسمية كالأعياد، وغيرها من المناسبات التي يكون فيها المستهلك في حاجة إلى مثل هذه العروض. وأضاف البوعينين: «أصبحت المهرجانات التسوقية ترتبط في شكل مباشر بالإجازات، التي من المفترض أن تتحول إلى أوقات يجد فيها المستهلك نوعاً من الترفيه والتواصل الاجتماعي، لكن ما نراه هو عدم التركيز على السياحة». ورأى أن المستفيد الأول من مهرجانات التسوق هو القطاع التجاري، إذ يتمكن من الترويج لبضائعه وتسويقها في ما يشبه أن يكون ترويجاً مجانياً في المدن التي تتسابق فيها مهرجانات التسوق. وأشار البوعينين إلى أن توالي المناسبات في روزنامة الأسرة السعودية، من شأنه أن يرهق الأسرة مالياً، لتأتي إجازة نصف العام، فتتحول من فترة راحة واستجمام إلى فترة تُنهك خلالها الأسرة ومعيلها مالياً، وتتحمل خلالها مصاريف وأعباء إضافية، وأضاف: «أصبحت أسر سعودية كثيرة تتمنى ألا يحل موعد هذه الإجازة نظراً للتبعات المالية التي تؤثر فيها، فضلاً عن أن أسراً كثيرة تستثمر هذه الفترة بالسفر إلى الخارج حتى بات السفر ظاهرة من ظواهرها. فيسافر من يمتلك المال ومن لا يمتلكه، لأن من لا يمتلك المال يضطر في غالب الأحيان إلى اقتراضه، فأصبح لدينا مشكلة حقيقية في المجتمع مرتكزة على ثقافة الاستهلاك». وطالب البوعينين التركيز على سياحة الترفيه وثقافتها، وتشجيع الاستجمام الداخلي الذي يعطي النفس البشرية الراحة والمتعة، إضافة إلى تجمع الأسر خصوصاً في مثل هذه الفترات. ويقول:» نجد أسراً سعودية كثيرة باتت متشعبة ومتشتتة في أماكن مختلفة. لذا، يجب أن تكون هذه الفرصة مناسبة للقاءات بدلاً من أن تكون فرصة للمشتريات، التي تشيّعها مهرجانات التسوق، وثقافة سياحة التسوق». في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور علي التواتي أن مهرجانات التسوق، التي عادة ما تنظّم فعاليتها في مواسم معينة كمواسم الإجازات، يقصدها المستهلكون من مدن الأطراف، كونها تسهّل شراء حاجاتهم بأسعار مخفضة، إضافة إلى أنها فرصة تصفية البضائع القديمة لدى المحال التجارية تماشياً مع التغيير الفصلي وتتزامن غالباً مع الإجازات الموسمية. وأضاف: «إنه صيد لعصفورين بحجر واحد، يسهّل أمر العائلات الوافدة من مناطق بعيدة حيث لا يتابع مستهلكوها الموضة كثيراً، بينما يكون سكان المدن الرئيسة والكبيرة اشتروا البضائع في وقت سابق. وبالتالي هي فرصة للتجار لتصفية ما بقي عندهم من بضائع، ومناسبة لقاصدي محالهم للإفادة والتوفير». ورأى التواتي أن لمهرجانات التسوق أثراً جيداً في تسهيل التوفير على المستهلك وتحقيق رغبات المعيلين الذين لا تساعدهم ظروفهم المادية على أقتناء كل ما يرغبون فيه وفق أسعاره العادية، المرتفعة أساساً. ويبقى المستهلك في حيرة بين سياحة تسوقيه منتشرة تجهد الجيوب، وترفيهية تكاد أن تكون معدومة. ويبقى السؤال المحيّر «أين يذهب السعودي هذا المساء؟».