استمر التدهور الامني في بغداد لليوم الثاني على التوالي، حيث قتل وأصيب العشرات بتفجير ست سيارات مفخخة، بالتزامن مع اعلان السلطات الأمنية استعادة معظم المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في الأنبار، عدا الفلوجة التي يسيطر عليها التنظيم ويمنع سكانها من مغادرتها فارضاً عليهم نمط حياة يرفضونه. وأكدت وزارة الدفاع أمس أن في الفلوجة «أسلحة حديثة تكفي لاحتلال بغداد»، ولم تستبعد اقتحامها قريباً جداً بعد فشل وساطات اضطلع بها زعماء العشائر الذين فقدوا سلطتهم. وقتل وجرح أكثر من 70 عراقياً في سلسلة هجمات طاولت مناطق مختلفة في بغداد وكركوك صباح أمس، اعتبرتها القوى الأمنية محاولة لنقل المعركة إلى خارج الأنبار التي تشهد معارك منذ ثلاثة أسابيع. في هذا الوقت قال وكيل وزارة الداخلية عدنان الأسدي، خلال اجتماع مع العشائر: «كان تنظيم داعش يسعى إلى تكون الفلوجة نواة لإمارته، وتم ضخ الأموال وجمع السلاح فيها لمدة طويلة، ليس لإقامة الإمارة فقط، بل لتمددها وإسقاط النظام السياسي». وأضاف أن «السلاح الذي جمع في الفلوجة ضخم وكبير وحديث ويكفي لاحتلال بغداد»، وأشار إلى أن «معظم مدن الأنبار عادت إلى حضن الدولة، وقد تمكنت قوات الأمن مساء الأحد من تنفيذ عملية واسعة في منطقة البوبالي في الأنبار، وتم تطهيرها بالكامل». وأكد مجلس المحافظة سيطرة الجيش على هذه المنطقة الواقعة شرق الرمادي، وقال نائب رئيس المجلس صالح العيساوي في تصريح إلى «الحياة» أمس، إن «قوات الجيش تمكنت أمس من تطهير منطقة البوبالي التي كانت تحت سيطرة المسلحين وتنظيم داعش منذ أسبوعين». وأضاف أن «عملية عسكرية جديدة بدأت فجر امس في مناطق الملعب والحوز وشارع 60 تسير حتى الآن بشكل جيد»، وتوقع إحكام السيطرة على هذه المناطق قريباً جداً. وفي الفلوجة شرق الأنبار، قالت مصادر أمنية إن قوات الجيش أغلقت امس ثلاثة مداخل رئيسية للمدينة، هي مدخلا الصقلاوية من جهة قضاء سامراء في محافظة صلاح الدين والازركية، ومدخل النعيمية من جهة بغداد، تمهيداً لاقتحامها. وأكد أن «الحل العسكري أصبح الخيار الوحيد تقريباً، بعد فشل كل المحاولات السلمية والمفاوضات بين المسلحين وعشائر المدينة». وكان عناصر من «داعش»، الذي شكل هيئة شرعية ومحكمة خاصة في الفلوجة، خطفوا أربعة من وجهاء المدينة وشيوخها، الذين شاركوا في اجتماع ثالث عقد لتشكيل إدارة محلية، بحجة عدم دعوتهم إلى الاجتماع، وأفرجوا عنهم بعد تعهدات. وبات زعماء العشائر المناهضة للحكومة العراقية في موقف لا يحسدون عليه، على ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، التي نقلت عن أحدهم قوله إن «عناصر داعش لا يقبلون أي شيء نقرره، لأنهم يريدون فرض نظام معين وهو الوالي والإمارة والخليفة، ويريدون أن يعمل الجميع تحت إمرتهم ونظامهم». وأكد أن «اهالي الفلوجة لا يقبلون هذا التوجه، ويريدون دولة مؤسسات وبلدية وقائمقاماً وشرطة تحميهم». وأضاف: «عندما اخترنا قائمقاماً خطفوه، وفجروا منزل قائد الشرطة الذي اخترناه، والآن لا أحد يريد تسلم أي منصب». وأشار إلى أنه «بسبب هذا الخوف والرعب فقدت العشائر السيطرة على المدينة، وبات عناصر القاعدة يسيطرون على كل شي». ووجه عناصر «داعش» عبر المساجد نداء طالبين من الناس عدم ترك الفلوجة، ودعوا الشباب إلى الانخراط في صفوف تنظيمهم لقتال الجيش، كما دعوا سكان المدينة إلى تقديم الملجأ والطعام للمقاتلين، على ما أفاد شهود. وأغلقوا منافذ المدينة بحواجز أسمنتية لمنع الأهالي من الفرار. وقال الزعيم العشائري إنهم فرضوا «أسس حكم القاعدة بإقامة الحد على كل من يخالفهم الرأي والجميع في نظرهم متهم والكل على خطأ وهم الجهة الوحيدة التي على صواب، لذلك نفرت الناس منهم، ولا تريدهم وتريد دولة مدنية مؤسساتية». ووزع هؤلاء منشورات تمنع اختلاط النساء بالرجال في الأسواق ومنع ارتداء بنطال من قبل الرجال ومنعوا حلاقة الذقن ورفع صور فنانين أو مطربين في الطرقات. من جهة أخرى، أعلن وزير الهجرة والمهجرين ديندار نجمان دوسكي أمس، أن «عدد الأسر التي نزحت من محافظة الأنبار وصل إلى 22 ألف أسرة»، وعزا السبب إلى «استمرار العمليات العسكرية في المحافظة».