اتسع الشرخ بين الفرعين العاملين باسم تنظيم «القاعدة» في سورية مع انضمام «جبهة النصرة» إلى التنظيمات التي تقاتل «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وفرضت حصاراً على معقلها في الرقة، شمال شرقي البلاد. ومع تقهقر «داعش» في مواجهة التنظيمات السورية المعارضة التي بدأت قبل أيام حملة عسكرية ضدها، بدأ يظهر جزء من الانتهاكات التي ارتبكها مقاتلو «الدولة الإسلامية» أو المنسوبة إليهم في أكثر من منطقة سورية. وعلى رغم أن مناوشات حصلت مراراً في الفترة الماضية بين «جبهة النصرة» و «الدولة الإسلامية»، إلا أن ملامح المعركة الحالية، إذا ما نشبت، تؤشر إلى شرخ كبير قد يترك تداعيات على العلاقة المستقبلية بين هاتين الجماعتين اللتين تتبعان «القاعدة». وقال نشطاء ل «الحياة» إن مقاتلي «النصرة» و «أحرار الشام»، أحد الأطراف الرئيسية في «الجبهة الإسلامية»، حاصروا أمس مقر «داعش» في قصر المحافظة في الرقة، وإن مفاوضات جرت ل «تسليم الموقع من دون قتال حقناً للدماء وعدم تعريض السجناء للخطر»، مشيرين إلى أن «النصرة» حررت أول من أمس 50 سجيناً من أحد مقرات التنظيم في الرقة. وأشار النشطاء إلى أن حواجز «داعش» أزيلت من مناطق في شرق البلاد وبين الرقة وحدود تركيا. وتوقع أحدهم أن تكون الخطوة المقبلة سيطرة «النصرة» وكتائب أخرى على «سجن سد تشرين» الذي يضم مئات المعتقلين «الأساسيين». وقال بعض المتابعين أن الأب باولو دالوليو وصحافيين فرنسيين وأجانب «قد يكونون في هذا السجن، لذلك تجري مفاوضات دقيقة قبل اقتحامه». وظهرت أمس انتهاكات مقاتلي «داعش»، إذ عُثر بعد سيطرة «النصرة» على كفرزيتا في حماة على جثامين ثلاثة مخطوفين. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «مقاتلي الدولة الإسلامية قاموا بقطع رأس مواطنين اثنين من الطائفة الأرمنية عقب اعتقالهما لنحو أسبوع». كما عثر على «جثمان لطفل مقطوع الرأس ومدفون بمحيط مقر للدولة الإسلامية في بلدة كفرنبل في إدلب»، وسط استمرار المواجهات الحذرة بين «الجبهة الإسلامية» و «داعش» في معسكر التدريب في الدانا، بعد سعي التنظيم إلى تسليمه إلى «النصرة». وأورد «المرصد» مساء أنباء لم تتأكد عن إعدام «داعش» عشرات السجناء الذين كانوا محتجزين لديها في حلب، وعن انسحاب مقاتليها من الاشتباكات مع القوات النظامية في بلدة عياش بمحافظة دير الزور. في المقابل، أشار «المرصد» إلى مقتل عشرة أشخاص على الأقل بينهم ثلاثة أطفال في قصف نفذه سلاح الجو السوري على بلدة بزاعة في الريف الشرقي لمدينة حلب. سياسياً، أكد رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد الجربا، فور فوزه بولاية جديدة في الانتخابات التي جرت في إسطنبول أمس، «عدم تنازل الائتلاف كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري، عن أصغر المطالب التي نادت بها الثورة السورية» منذ ثلاث سنوات. ورأى مراقبون في إعادة انتخاب الجربا انتصاراً للتيار المؤيد لمشاركة «الائتلاف» في مؤتمر «جنيف 2». وفاز الجربا ب 65 صوتاً من أصل 120، متقدماً بفارق 13 صوتاً على منافسه رئيس الحكومة السابق المنشق رياض حجاب الذي حاز على 52 صوتاً. كما انتخب كل من عبدالحكيم بشار وفاروق طيفور ونورا الأمير (الجيزاوي) نواباً للرئيس. ويمثّل بشار «المجلس الوطني الكردي» بموجب الاتفاق الموقع مع «الائتلاف». وأعاد «الائتلاف» التصويت على منصب الأمين العام بعد النتيجة المتقاربة التي حققها المرشحان المتنافسان، وهما رجل الأعمال النافذ مصطفى الصباغ (59 صوتاً) وبدر جاموس (57 صوتاً) الذي يشغل المنصب حالياً. ثم أعلن فوز جاموس في الانتخابات، علماً أنه والجربا كانا انتخبا لمنصبيهما في تموز (يوليو) الماضي. وبعد الانتخابات، بدأ «الائتلاف» بحث الموقف من المشاركة في مؤتمر جنيف، على رغم إعلان فصيل أساسي فيه هو «المجلس الوطني السوري»، مقاطعته «جنيف 2». وأثار إعلان هذه المقاطعة مخاوف من إمكان رفض «الائتلاف» برمته المشاركة في «جنيف 2». في نيويورك، اعلن ناطق باسم الأممالمتحدة، أن الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون بدأ أمس بتوجيه الدعوات لحضور المؤتمر، لافتاً إلى أن إيران ليست على اللائحة الأولية للمدعوّين إلى المؤتمر. وقال مساعد الناطق باسم الأممالمتحدة فرحان حق، إن وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف سيلتقيان في 13 الجاري لاتخاذ قرار في شان مشاركة إيران أو عدمها في المؤتمر. وكان مسؤول أميركي في بروكسيل قال: «توجد خطوات يمكن إيران أن تتخذها لتظهر للمجتمع الدولي أنهم جادون بشأن لعب دور إيجابي. يشمل ذلك الدعوة لإنهاء قصف النظام السوري لشعبه. ويشمل الدعوة إلى تشجيع وصول المساعدات الإنسانية». وأوضح مسؤول آخر أن وجود دور رسمي لإيران في المؤتمر لا يزال يتطلب قبول اتفاق «جنيف 1» لعام 2012، الذي نص على تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة. وقالت مصادر مطلعة في نيويورك، إن إيران «ليست مستاءة» من عدم توجيه الدعوة إليها للمشاركة في المؤتمر، وإنها ستلعب دوراً مساهماً في المحادثات مع أنها لا تشارك فيها. ولفتت المصادر إلى أن موقف روسيا يدعم المرجعية التي على أساسها ستوجه الدعوات. وبحسب المصادر، رفضت الديبلوماسية الإيرانية الموافقة الصريحة على مرجعية «جنيف 2». ورأت أنه من الأفضل لها عدم الالتزام بتلك المرجعية مقابل مشاركتها. إلى ذلك، شدد السفير الأردني في الأممالمتحدة الأمير زيد بن رعد الذي يتولى رئاسة مجلس الأمن الشهر الحالي على ضرورة قيام مجلس الأمن بزيارة إلى الأردن للاطلاع على أوضاع اللاجئين السوريين هناك وعلى تبعات الأزمة السورية على بلده. وأعلن بن رعد أن «الأردن سيعيد توجيه الدعوة إلى مجلس الأمن» للقيام بهذه الزيارة بعدما كان وجّه دعوة مماثلة إلى المجلس في نيسان (أبريل) الماضي «ولم نتلق أي رد عليها بعد». وأكد «وقوف الأردن تماماً مع الأمين العام للأمم المتحدة وطموحات الجميع» المتعلقة بعقد مؤتمر «جنيف 2». ووصل نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى طهران مساء أمس، لتنسيق المواقف بين البلدين قبل مؤتمر «جنيف 2».