يتضمّن كتاب مصطفى عمر التير «أسئلة الحداثة والانتقال الديموقراطي في ليبيا: المهمة العصية» (منتدى المعارف) ثمانِية أوراق بحثية فرّق بينهما زمان ومكان النشر، وقرّب بينها كونها تتعلّق بمجتمع واحد. تعددت العناوين وتنوعت الموضوعات، فشملت الفقر والتطرّف الديني والتغيير الاجتماعي والتشكيلات الاجتماعية والمجتمع المدني، ثم تداعيات الربيع العربي في ما يتعلّق بالتحوّل الديموقراطي. قد يبدو هذا التنوّع للوهلة الأولى غريباً، وهو كذلك، لو لم يتعلّق بالمجتمع الليبي. فالليبيون عاشوا لمدة أربعة عقود تحت نظام ديكتاتوري من نوع خاص، كثُر فيه الظلم وانتشر فيه الخوف، وضاق مجال المناورة لمن قرّر أن يكون له صوت خاص، وفي الوقت نفسه لا ينضم إلى طابور المنافقين. وحال هذا الوضع مع عوامل أخرى دون أن يؤدي التحديث في المجتمع الليبي إلى الحداثة، أي التحديث على مستوى الشخصية. ثمّ دخلت البلاد ضمن بلدان الربيع العربي، وهو ربيع وفّر للمواطن فسحة كبيرة من حرية التعبير.