استطاعت الحكومة المغربية تمرير تعديلاتها في النسخة الثانية للموازنة الجديدة ومنها قانون يثير جدلاً كبيراً مع المعارضة البرلمانية حول العفو عن الأشخاص الذين سبق لهم أن هربوا أموالاً الى الخارج في فترات مختلفة، وبطرق غير قانونية حتى لو كانت مصادرها أموالاً عامة. وبات بإمكان هؤلاء الأشخاص إرجاع أموالهم المهربة في مقابل تسديد مساهمات إبرائية بنحو 10 في المئة من القيمة الإجمالية، وفتح حساب بالدرهم المغربي القابل للتحويل، شرط الا تتجاوز القيمة المرصودة بالعملات الصعبة سقف 75 في المئة من إجمالي المبالغ المستردة. وينسحب الإجراء على الأشخاص غير المقيمين بصفة قانونية خارج المغرب ولهم حسابات وممتلكات في الخارج. ولا يشمل المغتربين المقيمين في بلدان المهجر أو الأجانب المقيمين في المغرب. وقال مدير مكتب الصرف المشرف على المبادلات الخارجية والعملات الأجنبية جواد حمري إن هذا القانون «لا يعني سوى الأشخاص المقيمين في المغرب الذين تملكوا ثروات (عقارات أو حسابات مصرفية) في خرق لقانون الصرف المغربي الذين يمنع إخراج العملات من دون ترخيص». وتتوقع مصادر حكومية أن تحصل على ما بين 2 الى 4 بلايين دولار من استرجاع الأموال المغربية المهربة في الخارج خلال الشهور المقبلة، ما قد يعفيها من اللجوء الى الاستدانة الخارجية العام المقبل، كما سيساعد تدفق الأموال عبر هذه الطرق القانونية على زيادة حجم الكتلة النقدية لدى المصارف التجارية، وتحسين الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية. وتعتقد المصادر أن تعزيز مناخ الثقة بين المعنيين بهذه العملية قد يزيد من وتيرتها في المراحل المقبلة، بما سيشجع الاستثمار الخاص، ويوفر فرص عمل جديدة، ويزيد في مستوى التنمية والرواج الاقتصادي. وقالت المصادر إن العملية قد تحقق نمواً إضافياً بنحو نقطتين مئويتين في الناتج الإجمالي، في حال نجاحها. ورأت المصادر أن القانون قد يشجع المجتمع الدولي على المساعدة في إرجاع الأموال المنهوبة من دول الجنوب لأنها ملك لتلك الشعوب، وعدم تشجيع المخالفين على تجميع ثروات بطرق غير مشروعة. وترغب الأوساط المهتمة في أن تعمد الدول الغربية إلى إعادة الأموال المهربة من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لإنجاح الربيع العربي وتمكينه من التمويلات الضرورية للتنمية. وتقدر ثروات المغاربة المتراكمة على عقود في الخارج بنحو 50 بليون دولار غالبيتها لمقيمين في دول المهجر، خصوصاً في دول الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة، وترغب الرباط في استقطاب جزء من أموال هؤلاء، بمن فيهم الذين غادروا المغرب في نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي، نحو دول غربية بسبب الصراعات والحروب في الشرق الأوسط. وكان مجلس النواب المغربي صادق ليل الأربعاء بالغالبية على موازنة 2014 التي تقدر نفقاتها بنحو 373 بليون درهم (45.5 بليون دولار)، بعدما أسقطتها المعارضة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) الأسبوع الماضي بسبب ما وصفته ب «اعتماد الحكومة على إجراءات ومبادرات غير محسوبة وغير عملية تحتاج إلى دراسة وإشراك المعنيين».