«لأننا تعبنا من الأزمة وقرفنا من الزحمة والزحمة وغلاء سعر البنزين وعدم توافره، بدأنا نطلع على البسكليت (الدراجة الهوائية)، وحتى نشجع باقي الناس المترددين سنشارك بمسير دراجات دمشق». بهذه الكلمات بدأت إحدى المجموعات التي انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» دعوتها للترويج لمسير الدراجات الهوائية في دمشق أول من أمس، تحت شعار «يللا ع البسكليت. بسكليت ع الطريق ولا نطرة (انتظار) بالزحمة». الدعوة للمسير جاءت نتيجة الازدحام الخانق الذي تعيشه دمشق خلال الفترة الأخيرة، حيث تحولت مشكلة التنقل إلى «كابوس حقيقي» بسبب انتشار الحواجز الأمنية التي تقوم بتفتيش السيارات والتأكد من هوية راكبيها، كما عمدت السلطات إلى إغلاق بعض الطرق الرئيسية والفرعية، ما تسبب بازدحام خانق قد يضطر السوريين إلى الانتظار لفترات طويلة قبل الوصول إلى أعمالهم أو جامعاتهم ومدارسهم، إضافة إلى ارتفاع متكرر في أسعار البنزين وعدم توافر المازوت (الفيول)، وبالتالي رفع أسعار التنقل إلى مستويات لم يعد بمقدور بعض الشرائح تلبيتها. وقررت مجموعة من الشباب والفتيات من طلاب كلية الهندسة المدنية التي تقع في منطقة البرامكة في قلب مدينة دمشق، التخلي عن استخدام الباصات والباصات الصغيرة وسيارات الأجرة والانتقال بواسطة الدراجة الهوائية قبل أن يتشجع زملاؤهم في باقي الجامعات بتقليد هذه «الصرعة». وصار طبيعياً رؤية شباب ينتقلون ب «البيسكليت». ولم يعد مستهجناً رؤية فتيات محجبات يقدن دراجاتهن وسط شوارع المدينة. ورعت محافظة دمشق مبادرة «يللا ع البسكليت»، وشارك فيها أكثر من 500 شاب وشابة جالوا شوارع دمشق، بدءاً من منطقة المزة باتجاه شارع المرجة في وسط المدينة. وجرت أثناء المسير مسابقات لاختيار أجمل ثنائي وأفضل دراجة وأصغر وأكبر مشارك، لتشجيع الجميع على ركوب الدراجة الهوائية. وقال القائمون على المبادرة إن الهدف منها «تخفيف زحمة السير الموجودة ونشر ثقافة ركوب الدراجات لدى جميع الأعمار كرياضة جماهيرية». وتم تخصيص فريق من إدارة المرور لترسيم الدراجات حيث منعت في فترات سابقة الدراجة داخل المدينة بعد عدة حوادث تفجيرية قام بها انتحاريون بواسطة الدراجة الهوائية. وواكب «فايسبوك» هذه الصرعة، حيث انتشرت على صفحاته مبادرات كثيرة تشجع على الدراجة بأسلوب فكاهي، منها صفحة «بدي صير بسكليتاتي وطلع الميكرو من حياتي»، وصفحة «صار بدها بسكليت». وكتبت إحدى الفتيات التي استغنت قبل أشهر عن وسائل النقل الاعتيادية : «لم أجد ما يمنعني من ركوب الدراجة، بل على العكس وجدت تشجيعاً من أهلي ومن الناس، وبالفعل هي تجربة رائعة وأدعو الجميع لتجربتها». وقال أحمد نويلاتي (طالب في كلية الآداب) أحد المشاركين: «إن البسكليت حلت أهم مشكلة في حياته حالياً. تأخرت عن امتحانات نهاية السنة الماضية مرتين بسبب الزحمة، وأضطر في كثير من الأحيان للغياب عن المحاضرات. أما اليوم، فإنني أستعمل الدراجة في تنقلاتي إلى الجامعة وغيرها». ولا يعتبر قدوم الشتاء ببرده ومطره عائقاً على ما يبدو أمام الشباب، فالبعض حضر نفسه لمواجهته بالمعطف المطري، كما يقول سيمون. ويضيف: «لا يوجد شيء يمنعني من ركوب دراجتي حتى الثلج».